54

The General Principle of Prioritizing Applying Speech Over Neglecting It and Its Impact in Foundations

القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول

Editorial

المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر

Edición

الأولى

Año de publicación

1406 AH

Ubicación del editor

بيروت

أصل هذه القاعدة:

هناك عمومات كثيرة في الكتاب، والسنة تصلح لأن تكون أصلاً لهذه القاعدة، هذا فضلاً عن أن العقل قاض بها فلذلك نستطيع أن نستدل عليها بالكتاب، والسنة، والمعقول. أما الكتاب فآيات كثيرة تدل على أن المسلم ينبغي أن يعرض عن الكلام الساقط الذي لا طائل تحته، ولا فائدة فيه. من هذه الآيات قوله تعالى ﴿والذين هم عن اللغو معرضون﴾(١٣) وقوله تعالى ﴿وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه﴾(١٤).

وجه الاستدلال بهاتين الآيتين. ان اللغو هو الكلام الخالي عن الفائدة كما سبق اختياره، ولذلك سميت يمين اللغو بهذا الاسم لأنها خالية عن فائدة اليمين شرعاً، ووضعاً فإن فائدة اليمين اظهار الصدق من الخبر فإذا أضيفت الى خبر ليس فيه احتمال الصدق كان خالياً عن فائدة اليمين فكان لغواً، واذا أريد باللغو الكلام الفاحش كما قال الشافعي رحمه الله فلخلوه عن فائدة الكلام بطريق الحكمة ولقوله تعالى ﴿والغوا فيه لعلكم تغلبون ﴾(١٥) ومعلوم أن مراد المشركين التعنّت أي إن لم تقدروا على المغالبة بالحجة فاشتغلوا بما هو خالٍ عن الفائدة من الكلام ليحصل مقصودكم بطريق المغالبة دون الحاجة(١٦) فظهر بهذا أن اللغو هو الكلام العاري عن الفائدة، وهو بمعنى الاهمال اذ المهمل هو العاري عن الفائدة أيضاً، وكما سبق بيانه من أن الإِهمال والإلغاء ألفاظاً مترادفةً، وبمعنى واحد وإذا كان المهمل هو الكلام اللاغي والساقط الذي لا فائدة فيه فينبغي أن يصان كلام العاقل عنه ولا ينزّل عليه.

ثانياً - أصل هذه القاعدة من السنة:

وأما أصلها من السنة فقد ثبت عن النبي ﷺ ما يفيد أن المسلم العاقل مؤاخذ بكل التزاماته وبكل ما يتلفظ به من الكلام وذلك كما ورد في الحديث الصحيح قوله لمعاذ بن جبل رضي الله عنه وقد أخذ بلسانه (« كفّ عليك هذا قال معاذ فقلت يا رسول الله أو مؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال ثكلتك أمك وهل يكب الناس على وجوههم في النار أو قال على مناخرهم الا حصائد ألسنتهم(١٧) .

(١٣) المؤمنون (٣).
(١٤) القصص (٥٥).
(١٥) فصلت (٢٦).
(١٦) أصول السرخسي ١/٩٧ دار الكتاب العربي.
(١٧) هذا حديث طويل اخرجه أحمد في مسنده عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. انظر مسند أحمد ج ٥ ص ٢٣١ - المكتب الاسلامي.

52