المبحث الخامس في: الفرق بين القاعدة والضابط
يميز العلماء بين القاعدة والضابط بأن القاعدة تحيط بالفروع والمسائل في أبواب فقهية مختلفة. مثل قاعدة الأمور بمقاصدها فإنها تطبق على أبواب العبادات والجنايات، والعقود، والجهاد وغيرها من أبواب الفقه.
أما الضابط فإنه يجمع الفروع والمسائل في باب واحد، مثل ((لا تصوم المرأة تطوعاً إلا بإذن الزوج، أو إذا كان مسافراً))(٣٠) ومثل الكفار مكلفون بفروع الشريعة عند الشافعية، ومثل الإسلام يجب ما قبله في حقوق الله، دون ما تعلق به حق آدمي كالقصاص، وضمان المال(٣١).
المبحث السادس في: لمحة تاريخية عن القواعد الفقهية نشأتها وتطورها
بدأت الحركة الفقهية بالظهور بعد وفاة النبي ﷺ. فقد قام الصحابة والتابعون من بعدهم من الأئمة، والعلماء، والمجتهدين باستنباط الأحكام الفقهية من المصادر الشرعية، الكتاب، والسنة، ومصادر الاجتهاد الأخرى فقد أوجدوا لكل قضية من القضايا أو مسألة من المسائل حكماً ومخرجاً. وكان الدافع لهم في هذا البحث، والاستقراء، والاستنباط هو الإحساس بالواجب الكبير نحو هذه الأمة فنظروا وقاسوا، واستنبطوا وتعدوا، ثم فرعوا، ونظروا إلى الحوادث المستجدة والقضايا المختلفة التي تهم الأمة، فأوجدوا لها الحلول المناسبة
وكان منهجهم في الاستنباط الرجوع إلى كتاب الله فإذا وجدوا فيه الحكم أخذوا به، وقدموه على غيره، فإن لم يجدوا فيه رجعوا إلى السنة فإن وجدوا فيها مبتغاهم، دونوه وأعلنوه وصاغوه ثم فرعوا عليه فإذا لم يجدوا ضالتهم في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ شرعوا في المصادر الأخرى، كالاجماع والقياس، يجتهدون ويستنبطون العلل والمقاصد ويلحقون الفروع بأشباهها ونظائرها، فاستخرجوا بذلك أكثر الأحكام في الشريعة وقواعدها، وضوابطها وميزوا بين الحلال والحرام، وبين الصحيح، والفاسد، والأمر، والنهي وما هو دائر بينها فتكون بذلك مجموعة ضخمة من الأحكام الشرعية، والفروع الفقهية، وقد قاموا بواجبهم أحسن قيام في مسايرة التطور، ومواكبة الفتوح، وما يرافق ذلك من مستجدات في مسائل الفقه، وفروع الشريعة. وقد كانت أكثر الوقائع والأحكام الجديدة في مختلف الفروع مرتبطة بتوسيع رقعة
(٣٠) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ١٧٣، دار مكتبة الهلال.
(٣١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ٢٥٣ وص ٢٥٥.