Fiqh Theories
النظريات الفقهية
Editorial
دار القلم والدار الشامية
Edición
الأولى
Año de publicación
1414 AH
Ubicación del editor
بيروت
إلى اعتباره في أحد المصادر الأصلية، وهو مذهب الشافعي والحنابلة(١).
ثانياً: أدلة القائلين بحجية العرف:
احتج المتأخرون من الحنفية والمالكية على حجية العرف بأدلة من الكتاب الكريم والسنة، والمعقول.
أ - الكتاب: قال تعالى: ﴿خُذِ العَفْوَ، وأْمُرْ بالعُرْفِ، وأعْرِضْ عن الجاهلين﴾ (سورة الأعراف) الآية: ١٩٩، والمراد من العرف هو عادات الناس، وما جرى تعاملهم عليه، واستقر في النفوس، والآية أمر من الله تعالى لرسوله - ﷺ - بالأخذ بهذه العادات، والالتزام بها، واتباع العرف الذي يسيرون عليه، ولو لم يكن العرف دليلاً ومصدراً وحجة لما أمر الله تعالى رسوله به(٢). فهذا يدل على اعتبار العرف دليلاً شرعياً ومصدراً للتشريع، وإلا لم يكن للأمر فائدة.
ويلاحظ أن هذا الاستدلال فيه تكلف ظاهر، لأن المراد من العرف في الآية هو معناه اللغوي، وهو كل ما هو معروف ومألوف من الدين، أو تبين حسنه، سواء كان بالشرع أم بالعقل، ومحل الاستدلال هو ما استقر في النفوس وتبين حسنه من جهة العادة، فالآية لا تدل على المطلوب.
وقد فسر العلماء العرف بالآية بأنه: ﴿لا إله إلا الله﴾ أو هو كل أمر عرف أنه لا بد من الإتيان به، أو أن المراد من جميع الآية هو أخلاق إسلامية، والأمر
(١) ذكرت في كتابي أصول الفقه الإسلامي ص ٢١٧: ((أن الحنابلة - مع الحنفية والمالكية - يقولون بحجية العرف، وأنه مصدر مستقل، واعتمدت في ذلك على كلام ابن القيم في أعلام الموقعين (٤٤٨/٢)، ولكني وجدت كتب الأصول الحنبلية تنكر ذلك، وتصرح على تحديد المصادر نصاً، ولذلك عدلت عن الرأي السابق، وذكرت رأي الحنابلة مع الشافعية، انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٣٤، ابن حنبل، للشيخ المرحوم محمد أبو زهرة ص ٣٣١، ٣٦١، روضة الناظر وجنة المناظر، ابن قدامة المقدسي ص ٣٣، ٨٢.
(٢) رسائل ابن عابدين ١١٥/٢.
172