299

Al-Mutlaq wa Al-Muqayyad

المطلق والمقيد

Editorial

عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٣هـ/٢٠٠٣م

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

اليتيم بطريق المفهوم؛ لأن الإحراق مساوٍ للأكل في إتلاف المال، ومن الأصوليين من يفرق بين فحوى الخطاب ولحن الخطاب، فيجعل الفحوى لما كان المسكوت عنه أولى من المنطوق، ولحن الخطاب لما كان المسكوت فيه مساويًا للمنطوق؛ ولكن عامة الأصوليين على عدم التفرقة.
ولا خلاف بين العلماء في أن كلًا من المنطوق ومفهوم الموافقة حجة صالحة لإثبات الأحكام الشرعية؛ وإنما يظهر التفاوت بين المنطوق ومفهوم الموافقة عند التعارض، حيث يقدم ما يدل بالمنطوق الصريح١، على ما يدل بالمنطوق غير الصريح٢، ويقدم مفهوم الموافقة على مفهوم

١ المنطوق الصريح: ما كانت دلالة اللفظ فيه على المعنى الموضوع له، بالمطابقة أو التضمن، ويسمى عند الحنفية (عبارة النص) .
٢ المنطوق غير الصريح: هو دلالة اللفظ على معنى لم يوضع له اللفظ؛ ولكن لازم للمعنى الموضوع، فيدل عليه اللفظ بواسطة الالتزام، وقد قسمت دلالة الالتزام إلى ثلاثة أنواع: اقتضاء، وإشارة، وإيماء وتنبيه.
١- فدلالة الاقتضاء: هي دلالة اللفظ على معنى مقصود للمتكلم تتوقف عليه استقامة اللفظ، أو صحته العقلية أو الشرعية.
انظر مختصر ابن الحاجب ٢/١٧٢، وجمع الجوامع ٢/٢٠، وتسهيل الوصول للمحلاوي ص: ١٠٣، ومذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص: ١٧٦ شرح على روضة الناظر.
فمثال ما تتوقف عليه استقامة اللفظ حديث " رفع عن أمتى الخطأ والنسيان"، فذات الخطأ والنسيان لم يرتفعا، بدليل وقوعهما من الأمة؛ فلا بد من تقدير محذوف تتوقف عليه استقامة اللفظ، وهو المؤاخذة أو الإثم، تقديران عند العلماء مبناهما عموم المقتضى وعدم عمومه، والذي ترجحه الأدلة الأول، أي: عموم المقتضى، والحديث رواه ابن ماجه بلفظ: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه"، وقال عنه الألباني في إرواء الغليل صحيح ١/١٢٣.
ومثال ما تتوقف عليه الصحة العقلية قوله -تعالى-: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا﴾ والمراد أهلها، لأن السؤال يوجه إلى من يتصور منه البيان وهم العقلاء، وأما الأبنية فسؤالها لا يتصور عقلًا.
ومثال ما تتوقف عليه الصحة الشرعية: قولك "اعتق عبدك عني بألف"؛ فإن صحة هذا الكلام شرعًا تتوقف على تقدير "بع عبدك لي بألف وأعتقه عني؛ لأن الإنسان ممنوع من التصرف في مال غيره، إلا بعد أن يتملكه، فاقتضت صحة الكلام شرعًا هذا التقدير.
٢- ودلالة الإشارة هي دلالة اللفظ على معنى غير مقصود للمتكلم، ولكنه لازم للمقصود، مثل: دلالة قوله -تعالى-: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ﴾ على صحة صوم من أصبح جنبًا؛ فإن من ضرورة إباحة الجماع في جميع أجزاء الليلة حتى الجزء المتصل بالفجر الإصباح جنبًا، ذلك أ، الاغتسال من الجنابة يحتاج إلى وقت ولم يحدد له زمنًا من الليل في هذه الآية الكريمة، فلم يبق إلا جوازه في غيره وهو النهار، والنهار محل للصيام، فذل ذلك على اجتماع الجنابة والصوم في وقت واحد، وجواز اجتماعهما في وقت واحد دليل على عدم التنافي بينهما.
تسهيل الوصول ص: ١٠٧.
٣- دلالة الإيماء والتنبيه: هي أن يرد وصف مقترنًا بحكم في نص من نصوص الشرع على وجه لو لم يكن ذلك الوصف مفيدًا للتعليل لكان الكلام معيبًا أو بعيدًا.
ومثالها: قول الرسول ﷺ للأعرابي: الذي قال للرسول ﷺ "واقعت أهلي وأنا صائم"، فقال الرسول: "أعتق رقبة"، فإنه يدل على أن الوقاع علة للإعتاق؛ لأن السؤال معاد في الجواب فكأنه قال له: «إذا واقعت أهلك وأنت صائم، فكفر بإعتاق رقبة» .
تيسير التحرير ٤/٤٤، والأحكام للآمدي ٣/٤١، والتوضيح ٢/٦١، وأصول مذهب الإمام أحمد ص: ١٢٦، والمناهج الأصولية ص: ٤٦٧، وروضة الناظر مع شرحها للشنقيطي ص: ٢٣٦.

1 / 322