189

al-Muḥarrir fī ʿUlūm al-Qurʾān

المحرر في علوم القرآن

Editorial

مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م

Géneros

٢ - وثبت أن رسول الله ﷺ قدم سورة النساء على آل عمران في قراءة الصلاة، فعن حذيفة ﵁ قال: «أتيت النبي ﷺ في ليلة من رمضان فقام يصلي فلما كبر قال: الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم قرأ البقرة ثم النساء ثم آل عمران، لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها» الحديث (١).
٣ - أن مصاحف الصحابة تخالف مصحف عثمان ﵁ في ترتيب السور، خصوصًا مصحف ابن مسعود ﵁ الذي شهد العرضة الأخيرة.
ويلاحظ أن أصحاب هذا القول لا يخالفون في أنَّ بعض الترتيب الموجود كان بتوقيف من النبي ﷺ بدلالة الأحاديث الدالة على ذلك، لكنهم يرون أنَّ شيئًا منه كان بالاجتهاد، على خلاف في هذا المقدار، فبعضهم يرى أنه مرتب كله إلا الأنفال والتوبة، وبعضهم يستثني المئين، وهذا ما جعل الزركشي (ت٧٩٤هـ) يذهب إلى إن الخلاف بين الفريقين لفظيٌّ، فقال: «والخلاف يرجع إلى اللفظ؛ لأن القائل بالثاني يقول: إنه رمز إليهم بذلك لعلمهم بأسباب نزوله ومواقع كلماته، ولهذا قال مالك: إنما ألَّفوا القرآن على ما كانوا يسمعونه من النبي ﷺ؛ مع قوله بأن ترتيب السور باجتهاد منهم، فآل الخلاف إلى أنه هل هو بتوقيف قولي أو بمجرد استناد فعلي، وبحيث بقي لهم فيه مجال للنظر؟» (٢).
وإذا كانوا لا يخالفون في أن شيئًا منه كان مرتبًا حسب ترتيب النبي ﷺ، فإنه يمكن أن يُستدل باتفاقهم على وجود الترتيب في بعض السور بأنه أصل دالٌّ على ترتيب البقية، وأنه من عند رسول الله ﷺ، وأما ما استدلوا به فأقواها دليل حديث ابن عباس في سؤاله عثمان ﵃، وهذا

= ابن حبان (٤٣)؛ والحاكم (٢:٣٣٠) وسكت عنه الذهبي.
(١) أخرجه أحمد (٥:٣٩٨)؛ واللفظ له وأخرجه أيضًا أبو داود برقم (٨٧٤)؛ والنسائي برقم (١١٤٥)؛ والحديث أصله عند مسلم برقم (٧٧٢).
(٢) البرهان في علوم القرآن، للزركشي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم (٢:٢٥٧).

1 / 200