يُلْقَى فيها الحِيَضُ، ولحومُ الكلابِ، والنَّتَنُ - فقال: "إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَىْءٌ". رواه أبو داود، والنَّسائِىُّ، والتِّرْمِذِىُّ (٢٦)، وقال: حديثٌ حَسَنٌ (٢٧).
قال الخَلَّالُ: قال أحمد: حديثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ صحيحٌ.
ورُوِىَ أنَّ النبيَّ ﷺ سئل عن الحِيَاضِ التي بين مكةَ والمدينة، تَرِدُها السِّباعُ والكلابُ والحُمُرُ، وعن الطَّهارةِ بها، فقال: "لَهَا مَا حَمَلَتْ فِي بُطُونِهَا، وَلَنَا [ما غَبَرَ] (٢٨) طَهُورٌ (٢٩) "، ولم يُفَرِّقْ بين القلِيلِ والكثيرِ؛ ولأنه لم يَظْهَرْ عليه إحْدَى صِفَاتِ النجاسة، فلم يَنْجُسْ بها كالزَّائِدِ عن القُلَّتَيْن.
ووَجْهُ الرِّوايةِ الأُولَى، ما رَوَى ابنُ عمر، رضى اللَّه عنهما، أنَّ النبيَّ ﷺ سُئِلَ عن الماءِ وما يَنُوبُه مِن الدَّوابِّ والسِّباع، فقال: "إِذَا كَانَ المَاءُ قُلَّتَيْن لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ". روَاه أبو داود، والنَّسائِىُّ (٣٠)، والتِّرمِذِىُّ، [وابن ماجَه] (٣١)، وفى لفظٍ: "إذا بَلَغ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يُنَجِّسْهُ شَىْءٌ"، وتَحْدِيدُه بالقُلَّتَيْن يدُلُّ علَى أنَّ ما دُونَهما يَنْجُسُ، إذ لو استْوَى حُكْمُ القُلَّتيْن وما دونَهما لم يكنِ التَّحْديدُ مُفِيدًا، وصَحَّ أنَّ النبيَّ ﷺ قال: "إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِن مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يدْرِى أيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ (٣٢) ". فلولا أنه يُفِيدهُ مَنْعًا لم يَنْهَ عنه.