277

Al-Mughni's Commentary on the Mukhtasar al-Khiraqi

المغني شرح مختصر الخرقي

Editor

عبد اللَّه بن عبد المحسن التركي وعبد الفتاح محمد الحلو

Editorial

دار عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع

Edición

الثالثة

Año de publicación

1417 AH

Ubicación del editor

الرياض

ولنا، أحادِيثُ النَّهْىِ، وهى صَحِيحةٌ؛ وحَدِيثُ جابرٍ يَحْتَمِلُ أنَّه رَآهُ في البُنْيَانِ، أو مُسْتَتِرًا بشيءٍ، ولا يَثْبُتُ النَّسْخُ بالاحْتِمالِ، ويتَعَّينُ حَمْله على ما ذَكَرْنا، ليكونَ مُوافِقًا للأحاديثِ التي نَذْكُرها. فأما في البُنْيَانِ، أو إذا كان بينه وبين القِبْلَةِ شيءٌ يَسْتُرُه، فَفِيه رِوَايَتان: إحداهما؛ لا يَجُوزُ أيضًا. وهو قولُ الثَّوْرِىّ وأبي حَنِيفَة، لعُمُومِ الأحادِيثِ في النَّهْىِ. والثانية، يَجُوزُ اسْتِقْبَالُها واسْتِدْبارُها في البُنْيانِ، رُوى ذلك عن العَبَّاسِ، وابنِ عُمَر، رضى اللَّه عنهما، وبه قال مالِك، والشَّافِعِىُّ، وابنُ المُنْذِر، وهو الصَّحِيحُ؛ لحدِيثِ جابرٍ، وقد حَمَلْناه على أنه كان في البُنْيانِ، ورَوَتْ عائشةُ أنَّ رَسُولَ اللَّه ﷺ ذُكِرَ لَهُ أنَّ قَوْمًا يَكْرَهُونَ اسْتِقْبالَ القِبْلَةِ بِفُرُوجِهِم، فقال رَسُولُ اللَّه ﷺ: " [أو قَدْ فَعَلُوهَا] (١٥) اسْتَقْبِلُوا بمَقْعَدَتِى القِبْلَة (١٦) ". رَوَاهُ أصحابُ السُّنَنِ (١٧). [وأكثرُ أَصْحابِ] (١٨) المَسانِيد؛ منهم أبو داود الطَّيَالِسِىّ، رَوَاه عن خالد بنِ الصَّلْتِ، عن عِرَاك بن مالك، عن عائشة. قال أبُو عَبْد اللَّه: أحْسَن ما رُوِى في الرُّخْصَة حَدِيثُ عائِشة، وإن كان مُرْسَلًا؛ فإنَّ مخْرَجَه حَسَنٌ. قال أحمد: عِرَاك لم يَسْمَعْ من عائشة فَلذلك سَمَّاهُ مُرْسَلًا. وهذا كلُّه (١٩) في البُنْيانِ، وهو خاصٌّ يُقَدَّمُ عَلَى العامِّ. وعن مَرْوان الأصْفَر، قال: رأيتُ ابنَ عُمَر أناخَ راحِلَتَه مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، ثم جَلَسَ يَبُولُ إليها. فقلتُ: يا أبا عبدِ الرحمن، أَلَيْسَ قد نُهِىَ عن هذا؟ قال. بَلَى إنَّما نُهِى عن هذا في الفَضَاءِ، فإذا كان بَيْنَك وبينَ القِبْلةِ شيءٌ يَسْتُرُك فلا بَأْسَ. رواه أبو داود (٢٠). وهذا تَفْسِيرٌ لنَهْىِ رَسُولِ اللهِ ﷺ العامِّ،

(١٥) في سنن ابن ماجه: "أراهم فعلوها". وفى الأصل: "أقد فعلوها".
(١٦) أي حولوا موضع قضاء الحاجة إلى جهة القبلة، حتى يزول عن قلوبهم إنكار الاستقبال في البيوت، فيرسخ في قلوبهم جوازه فيها، ويفهموا أن النهى مخصوص بالصحراء.
(١٧) أخرجه ابن ماجه، في: باب الرخصة في استقبال القبلة في الكنيف، وإباحته دون الصحارى، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١١٧. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٣٧.
(١٨) في الأصل: "وأصحاب".
(١٩) في الأصل: "كان".
(٢٠) في باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٣.

1 / 221