المفيد في مهمات التوحيد

Abdul Qadir Atta Sufi d. Unknown
134

المفيد في مهمات التوحيد

المفيد في مهمات التوحيد

Editorial

دار الاعلام

Número de edición

الأولى ١٤٢٢هـ

Año de publicación

١٤٢٣هـ

Géneros

وهذا توسل من الصحابة ﵃ بدعاء العباس ﵁، لا بذاته حال حياته، وهو شبيه بتوسلهم بدعاء نبيهم ﷺ في حياته. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀: وأما التوسل بالنبي ﷺ والتوجه به في كلام الصحابة ﵁، فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته١. والتوسل بدعائه ﷺ مقيد بقيدين: أحدهما: أن يكون التوسل حال حياته ﷺ. وهذا يوضحه توسل عمر ﵁ بالعباس ﵁ بعد موت النبي ﷺ. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما التوسل بدعائه وشفاعته -كما قال عمر، فإنه توسل بدعائه لا بذاته. ولهذا عدلوا عن التوسل به ﷺ إلى التوسل بعمه العباس. ولو كان التوسل بذاته، لكان هذا أولى من التوسل بالعباس؛ فلما عدلوا عن التوسل به ﷺ إلى التوسل بالعباس، علم أن ما كان يفعل في حياته قد تعذر بموته، بخلاف التوسل الذي هو الإيمان به والطاعة له، فإنه مشروع دائما٢. هذا عن القيد الأول. أما الثاني: فهو خاص بالمتوسل به، وهو النبي ﷺ حال حياته؛ فلا بد أن يقوم بعمل ما. وهذا يؤكد أن التوسل ليس بذاته، وغنما هو بدعائه وتضرعه إلى الله. ويوضح ذلك فعل النبي ﷺ عندما توسل الأعرابي بدعائه وهو على المنبر: رفع يديه، وقال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا" ٣. فالتوسل المشروع: ما كان بدعائه ﷺ حال حياته، لا كما فهم من خالف قوله الكتاب والسنة: أنه توسل بالشخص أو الذات أو الجاه، لا بالدعاء، فأحدثوا عبادة لم ترد في النصوص الشرعية، فسمي ما أحدثوه بدعة، وأطلق على التوسل الذي أحدثوه: "التوسل البدعي". وقد تمسك هؤلاء بأدلة من تأملها وجد أنها حجة عليهم، لا لهم. ومن هذه: حديث استسقاء عمر بالعباس، وقد تقدم أنه نص في أن التوسل بدعاء الشخص، يكون حال حياته، لا بعد مماته، بدليل عدول الصحابة ﵁، وهم أفضل الأمة عن التوسل به ﷺ بعد موته إلى التوسل بعمه العباس رضي الله عنه٤.

١ قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص٨٠-١٨١. ٢ قاعدة جليلة في التوسل والوسييلة لابن تيمية ص٨٢. ٣ تقدم تخريجه ص١٥٤، ح"٢" من هذا الكتاب. ٤ انظر ما تقدم في هذه الصفحة والتي قبلها. وانظر كتاب التوسل حكمه وأقسامه ص٤٥-٥٧.

1 / 155