48

Mawaqif

المواقف في علم الكلام

Investigador

عبد الرحمن عميرة

Editorial

دار الجيل

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1417 AH

Ubicación del editor

بيروت

والجواب أن يقال احتمال العاديات للنقيض بمعنى أنه لو فرض نقيضا واقعا بدلها لم يلزم منه أي من ذلك النقيض محال لذاته لأن تلك الأمور العادية ممكنة في ذواتها والممكن لا يستلزم بشيء من طرفيه محالا لذاته غير احتمال متعلق التميز الواقع فيه أي في العلم العادي للنقيض وذلك لأن الاحتمال الأول راجع إلى الإمكان الذاتي الثابت للممكنات في حد ذواتها كما بيناه والاحتمال الثاني هو أن يكون متعلق التمييز محتملا لأن يحكم فيه المميز بنقيضه في الحال كما في الظن أو في المآل كما في الجهل المركب والتقليد ومنشأة ضعف ذلك التمييز إما لعدم الجزم أو لعدم المطابقة أو لعدم استناده إلى موجب وهذا الاحتمال الثاني المغاير للأول هو المراد من الاحتمال المذكور في التعريف وهو الذي ورد عليه النفي فيه وأنه ممنوع ثبوته في العلوم العادية كما في العلوم المستندة إلى الحس وثبوت الاحتمال الأول لا يقدح في شيء منهما والمعاني خصت بالأمور العقلية كلية كانت أم جزئية إذ المراد بها ما يقابل العينية الخارجية التي تدرك بإحدى الحواس الخمس فيخرج عن حد العلم إدراك الحواس الظاهرة لأنه يفيد تمييزا في الأمور العينية ومن يرى كالشيخ الأشعري أنه أي إدراك الحواس الظاهرة من قبيل العلم كما سيأتي يطرح هذا القيد فيقول صفة توجب تمييزا لا يحتمل النقيض ومنهم من يزيد قيدا في الحد المختار ويقول بين المعاني الكلية وهذه الزيادة مع الغنى عنها تخل بالطرد أي طرد الحد في جميع أفراد المحدود وجريانه فيها وشموله أياها فهو محمول على معناه اللغوي دون الاصطلاحي إذ يخرج بها عن الحد العلم بالجزئيات كالعلم بالامنا ولذاتنا وهذا المختار إنما هو حد للعلم عند من يقول العلم صفة ذات تعلق بالمعلوم ومن قال إنه نفس التعلق المخصوص بين العالم والمعلوم كما سيأتي حده بأنه تميز معنى عند النفس تميزا لا يحتمل النقيض واعلم أن أحسن ما قيل في الكشف عن ماهية العلم هو أنه صفة يتجلى بها المذكور لمن قامت هي به فالمذكور يتناول الموجود والمعدوم الممكن والمستحيل بلا خلاف ويتناول المفرد والمركب والكلي والجزئي والتجلي هو الانكشاف التام فالمعنى أنه صفة ينكشف بها لمن قامت به ما من شأنه أن يذكر انكشافا تاما لا اشتباه فيه فيخرج عن الحد الظن والجهل المركب واعتقاد المقلد المصيب أيضا لأنه في الحقيقة عقدة على القلب فليس فيه انكشاف تام وانشراح تنحل به العقدة

Página 59