Mawaqif
المواقف في علم الكلام
Editor
عبد الرحمن عميرة
Editorial
دار الجيل
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1417 AH
Ubicación del editor
بيروت
Géneros
وفي نهاية العقول أن الدليل قد يحدث في الاستقبال كاخبار الشارع بما لا يعلم إلا باخباره من أحوال الجنة والنار ومقادير الثواب والعقاب فلا يكون عدم الدليل في نفس الأمر ولا عدمه عندنا مقتضيا لانتفاء المدلول في نفسه والعلم بعدم الجبل الشاهق بحضرتنا ضروري لا يتوقف على هذه المقدمة القائلة بأن كل ما لا دليل على ثبوته فإنه يجب انتفاؤه وإلا لكان العلم بعدم الجهل نظريا لا ضروريا وعدم المعارض والغلط في المقدمات القطعية ضرورية كانت أو نظرية ضروري معلوم بالبديهة فلا يتوقف على الاستدلال بتلك المقدمة الفاسدة ووجود مالا نهاية له إن امتنع لقاطع دل على امتناعه امتنع القياس عليه أعني قياس ما لا دليل عليه من الأمور المتناهية التي لم يدل قاطع على امتناعها لظهور الفارق حينئذ وإلا أي وإن لم يمتنع القاطع منع الحكم الذي هو وجوب الانتفاء فيه أي فيما لا يتناهى وجوز ثبوته في نفس الأمر كسائر الأمور التي لا دليل على ثبوتها ولا قاطع يدل على امتناعها وأيضا إن صح ما ذكرتم من أن عدم الدليل على الثبوت يستلزم العلم بالعدم وجب أن يكون عدم الدليل على الانتفاء مستلزما للعلم بالثبوت فيلزم من عدم دليل الطرفين أي الانتفاء والثبوت الجزم بهما معا في شيء واحد لا يقال عدم دليل النبوة يدل على عدمها قطعا فإنا إذا لم نجد مع إنسان ما يدل على نبوته جزمنا بأنه ليس نبيا بلا شبهة بخلاف عدم دليل عدمها فإنا إذا لم نجد معه ما يدل على عدم نبوته لم نجزم بأنه نبي فليس يلزم من كون عدم دليل الوجود مستلزما للنفي كون عدم دليل النفي مستلزما للوجود حتى يلزم ما ذكرتم من الجزم بالنقيضين معا وأيضا يلزم هنا أي من كون عدم دليل النفي مستلزما للوجود إثبات ما لا يتناهى وهو ممتنع ويلزم ثمة أي من كون عدم دليل الوجود مستلزما للانتفاء نفيه أي نفي ما لا يتناهى ولا يمتنع هذا النفي فظهر الفرق واندفع الإشكال لأنا نقول الجزم بعدم ثبوته أي نبوة من لا نجد دليلا على نبوته ليس لذلك المدرك الذي هو عدم الدليل على نبوته بل للدليل القاطع الدال على أن لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ولولا هذا القاطع لما جزمنا بعدم نبوته
وأما الثاني أي الجواب عنه فالغرض مما ذكرنا ليس هو أن الاستدلال بعدم دليل النفي على الثبوت طريق مستقيم حتى يتجه علينا أنه يفضي إلى إثبات مالا يتناهى بل الغرض أنه لا فارق بينهما أي بين الاستدلال بعدم دليل الثبوت على النفي والاستدلال بعدم دليل النفي على الثبوت في العقل فلو جاز الأول جاز الثاني لكنه ممتنع لوجوه منها ما ذكرتم من أنه يلزم منه إثبات ما لا يتناهى وإنما يتمشى هذا الجواب لو أثبت الملازمة بين جواز الأول وجواز الثاني لكنها لم تثبت ودعوى عدم الفارق مع ظهوره غير مسموعة
Página 189