لِقَاءُ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ

بالمسْجِدِ الحَرَامِ

(٢٠١)

المَسَائِلُ الَّتِي خَالَفَ فِيهَا

زَادُ المُسْتَقْنِع مُنْتَهَى الإِرَادَاتِ

تَأْلِيفُ

فَضِيلَةِ الشَّيْخِ العَالِمِ الحَنْبَلِيّ الحَائِليّ

سليمان بن عطية المزيني

(١٣١٧ هـ - ١٣٦٣ هـ)

رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى

اعْتَنَى بِإِخْرَاجِهَا

حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان

أَسهم بطَبْعِهِ بَعْضُ أَهْلِ الخَيْرِ من الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ ومحبيهم

دَارُ البشائر الإِسْلَامِيَّة

جميع الحقوق محفوظة

الطبعة الأولى

١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م

شركة دار البشائر الإسلامية

للطباعة والنشر والتوزيع ش.م.م.

أسسها الشيخ رمزي ديشقيّة رحمه الله تعالى

سنة ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م

بيروت - لبنان - ص.ب: ١٤/٥٩٥٥

هاتف: ٠٠٩٦١١/٧٠٢٨٥٧ - ٠٠٩٦١١/٧٠٤٩٦٣

فاكس: ٠٠٩٦١١/٧٠٤٩٦٣

email: info@dar-albashaer.com

website: www.dar-albashaer.com

المقدمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله حقَّ حمدِه وأوفاه، والصلاة والسلام على نبيِّنا وسيِّدنا محمّد عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه. أمَّا بعد:

فهذه رسالة لطيفة في بيان المسائل الفقهيّة التي خالف بها الإمامُ أبو النجا موسى بن أحمد الحجّاوي الحنبلي (ت٩٦٨هـ) في (زاد المستقنع) الإمامَ ابنَ النجَّار محمّد بن أحمد الفتوحي الحنبلي (ت٩٧٢هـ) في كتابه (منتهى الإرادات).

وهي من تأليف الشَّيخ العالم الفقيه الحنبلي الحائلي المشهور سليمان بن عطيّة المزيني (١٣١٧ هـ - ١٣٦٣هـ)، صاحب (روضة المرتاد في نظم مهمّات الزاد)، كتبها في ٢٩ ش ١٣٥٢هـ، وقد بلغت ٢٧ مسألة^(١).

وهذه الرسالة لم يسبق أن طُبعت، وهي من محفوظات مكتبة

الشيخ صالح الطويرب في حائل، وجدتها أثناء فهرستي لهذه المكتبة. وهي من ضمن رسائل عدّة لبعض أهل العلم في حائل، عزمت على إخراج ما تيسّر منها.

وقد يسَّر الله تعالى لي ومَنَّ عليَّ بأن تخرج هذه الرسالة ضمن سلسلة لقاءات العشر الأواخر المباركة من شهر رمضان المبارك المقروءة في المسجد الحرام، بتحفيزٍ وتأييدٍ من فضيلة الشيخ المبارك الحنبلي محمّد بن ناصر العجمي حفظه الله تعالى.

والله أسأل أن يرحم الشيخ سليمان بن عطيّة المزيني وأئمة الحنابلة وعلماء الإسلام، وأن يُلحقنا بركبهم في الدنيا والآخرة، وأن يجمعنا بهم مع النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، والحمد لله رب العالمين.

وكتبه

ترجمة المؤلف^(١)

سليمان بن عطيّة المزيني

(١٣١٧ هـ - ١٣٦٣ هـ)

اسمه، ومولده، ونشأته:

هو: الشيخ الفقيه العالم المحقّق النَّاظم الحنبلي، سليمان بن عطيّة بن سليمان بن عطيّة المزيني.

ولد في حائل سنة ١٣١٧ هـ.

قال عن نفسه رحمه الله عام ١٣٤٣ هـ:

وقد فات لي خمسٌ وعشرون حِجَّةٌ تحمَّلْتُ فيهنَّ الذنوب وفرَّطتُ

تربَّى ونشأ على يد والده الشيخ عطيَّة، وحفظ القرآن وهو صغير وأتقنه وجوَّده، ودرس وتعلَّم العلوم الشرعية على مشايخ حائل، وأخذ عنهم ولازمهم، حتَّى نبغ في العلم وخاصَّةً في الفقه، وصار له شأنه بين العلماء.

مشايخه:

تتلمذ الشيخ على مشايخ حائل ومَن يفدُ إليها من القضاة والعلماء، منهم :

1. والده الشيخ عطيّة بن سليمان المزيني.

2. الشيخ شكر بن حسين الشُّكر، حفظ عليه القرآن.

3. الشيخ عبد الله بن خلف آل خلف.

4. الشيخ عبد الله بن مرعي.

5. الشيخ عبد الله بن مسلّم التميمي، ولازمه ملازمةً تامَّة.

6. الشيخ عبد الله بن سليمان بن بلیهد.

7. الشيخ حمود بن حسين الشغدلي.

8. الشيخ عبد الله بن صالح الخليفي، ولازمه.

وغيرهم من المشايخ الذين رحل إليهم المترجم^(١).

تلامذته:

مِن أبرز مَن تتلمذ على المترجم:

1. الشيخ عبد الرحمن بن سليمان الملق.

2. الشيخ محمّد بن إبراهيم المشاري.

3. الشيخ ناصر بن حمد الدرسوني.

٤ - الشيخ عبد الكريم بن ناصر الخيّاط.

صفاته، وأقوال العلماء فيه:

كان رحمه الله حادّ الفهم، قويّ الحفظ، سريع الاستذكار والاستحضار والاستدلال، صاحب قريحة، مُطَّلِعٌ على كتبِ الشيخين ابن تيمية وابن القيم.

قال عنه الشيخ عليّ الهندي: (كان الشيخ سليمان رحمه الله يحبُّ المُذَاكرة والبحث والنقاش بتواضع واعتراف بالحق إذا ظهر، وكان شغوفًا بجمع الكتب الأدبيّة أيضًا ومطالعتها، لا سيَّمَا تأليف الأدباء الكبار. كان صالحًا ورعًا زاهدًا لا يحبّ الكلام بأحد من الناس).

وممّا ذكر القاضي عنه رحمه الله أنَّه: لا يُجَارى في علم الفَلَكِ ومعرفة النُّجوم والمطالع والأنساب والتواريخ النجدية وأيام العرب.

وإذا تأمَّلت هذا عَرفتَ أنَّهُ القاسم المشترك بين العلماء الأفذاذ المُبرِّزين في نجد من أئمة الدعوة؛ وذلك لمكانة هذين العِلْمَيْن في ذلك الوقت، بخلاف ما هم عليه من بروز في التأصيل الفقهيّ والعَقديّ والنبوغ فيهما.

تَرْجم لَه الزِّرِكلي في الأعلام فقال: (فقيه حنبليٍّ، من أهل مدينة حائل، كان كثير النظم)^(١). ونقل ترجمته من مشاهير علماء نجد الذي قال فيه مؤلفه عن الشيخ سليمان: (كان المترجم له الشيخ سليمان بن عطيّة يقرأ درسًا في التفسير والحديث والتاريخ على صاحب السمو الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود في الحضر والسَّفَر إلى أن توفي المترجم)^(٢).

وكانت عند المترجم مكتبة كبيرة بعضها ورثها من والده الشيخ عطيّة؛ ذكر الهندي أنه رآها، وخطُّه متوسط.

شِعرُهُ ومنظوماتهُ:

ذكر الشيخ علي الهندي أنَّ النظم من أسهل الأمور عند المترجم، فقد كان رحمه الله من أبرز شعراء الجبل إن لم يكُن اعتلى قمّة هرمه، وشِعْرُهُ متعدِّدُ الأغراض، فله شعرٌ في المناسبات وفي التواريخ والأحداث وفي الوجدانيَّات والرقائق، وله المنظومات العِلْمِيّة. وقد طُبعَ ديوانُهُ بعنايةٍ حفيده، وفيه جُلُّ شعره رحمه الله تعالى.

*أمَّا منظوماته العلمية:

١ - رَوْضَةُ المُرْتَادِ في نَظْم مُهِمَّاتِ الزَّادِ. وهي نظم لمتن (زاد المستقنع) في الفقه الحنبلي، بلغت أبياتها ألفًا وتسعمائة، نظمها عام ١٣٥٢ هـ.

من أشهر المنظومات التي سارت بها رُكبان نجد في القرن الرابع عشر الهجري. أثنى عليها وعلى ناظمها العلماء الكبار، منهم: شيخُ المترجم عبد الله بن سليمان بن بليهد، فقد رأيتُ تقريظَهُ عليها بخطّ الشيخ صالح الطويرب. كما أثنى عليها وقرَّظها شيخه عبد الله بن صالح الخليفي^(١).

ولشهرتها وشهرة ناظمها فقد طلبها من المترجَم الشيخُ القاضي عبد العزيز بن محمّد آل مونِّس^(٢)، قاضي الجوف وجيزان أيَّام قضائه في هجرة سَنّام.

٢ - الحائليَّة. وهي نظمٌ لكتاب البيوع من متن (دليل الطالب) لمرعي بن يوسف الحنبلي.

وهي مطبوعةٌ في ديوانه، في مائةٍ وستين بيتًا.

٣ - منسك في الحج . نظَمَهُ سنة ١٣٤٤ هـ قبل سفره للحج تلك السَّنة.

وهذا المنسك مطبوعٌ أوله فقط في الديوان، ولهُ تكملةٌ لم تطبع بعد^(٣).

٤ - منظومة في القواعد الفقهيَّة.ليست مطبوعةً في الدِّيوان أيضًا، ولا أعرِفُ كم بيتًا تبلغ، لكن ذكر القاضي في الروضة^(١) أنها طويلة.

ذكر الشيخ البسَّام بعضًا من أبياتها:

وها هنا أمرٌّ علينا يلزمُ تنبيهُ من لا في العلومِ يفهمُ

٥ - منظومة في البروج والنُّجُوم.ذكرها القاضي في الروضة^(٣).

٦ - الألغاز والنُّكت الفقهية.وهي متفرقةٌ ليست في منظومةٍ واحدة، وفيها ألغاز وسؤالات فقهيةٌ وفرضيةٌ له أجوبةٌ عليها نظمًا، كما له أبياتٌ فيها نُكتٌ فِقْهِيَّةٌ كالّتي جمع فيها زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وشروط البيع وأقسام الخيار وغيرها، انظرها في ديوانه المطبوع.

* وإليك من نماذج أشعاره رحمه الله تعالى:

قال رحمه الله عندما أصابت مدينة حائل ظلمةٌ شديدةٌ في النّهار في يوم ١٣٦٠/٣/٢٦هـ، ـ ويظهر أنَّ الخبر أتاه من مُخبر وهو خارج حائل-^(٤):

صدقتَ مقالًا مخبري أنَّ حائلا أتاها ظلامٌ في النِّهار عظيمُ

أشدُّ سوادًا من دُجى الليل إذ سَجى وقد حال من دون النُّجوم غيومُ

فلم يُبصر الإنسانُ فيها جليسه وكيف وقد غطّى الضياءَ بهيمُ

فطارت قلوب الناس رعبًا وخيفةً فكلُّ امرئٍ منهم هناك كظيمُ

وماجوا وضجُّوا بالبكا وتضرَّعُوا إلى ربهم أنَّ الإلهَ رحيمٌ

فجلَّاهُ عنهم ذو الجلال بلطفِهِ وربِّي على من قد عصاه حليمُ

يُرِي الناسَ آياتٍ يُخوِّفُهم بها بما شاءه في الخلق فهو حكيمُ

ليرتدع العاصي ويُقبل تائبًا إلى الله ممَّا قد جناهُ ظَلُومُ

فنشكو إلى الباري قلوبًا لنا قست ليصلحها ذو المنِّ فهو كريمُ

جوادٌّ فلا نرجو سواهُ فإنَّهُ لَيُحييٍ العظامَ وهي رميمُ

فيا ربنا عفوًا وغُفْرًا تكَرُّمًا فجودُكَ في كُلِّ الوُجودِ عميمُ

مؤلفاته:

وللشيخ رسالةً في البيوع مطبوعة^(١).

وله هذه الرسالة: ((في المسائل التي خالف فيها زاد المستقنع منتهى الإرادات)).

وفاته:

مَرِضَ الشيخ في آخر حياته وطال معه المرض إلى أن توفَّاهُ الله تعالى في ١٤/١٠/١٣٦٣هـ، وقد شيَّعَهُ خلق كثير.

وكان فَقْدُهُ عظيمٌ على طلاب العلم وعامَّة النَّاس في حائل.

وخلّف ثلاثة أبناء: عطيّة، ومحمد، وعبد الله.

فرحم الله الشيخ سليمان رحمةً واسعة، وأسكنه الفردوس الأعلى.

نماذج صور من المخطوط

صورة الصفحة الأولى

صورة الصفحة الأخيرة

لِقَاءُ العَشْرِ الأوَاخِرِ

بالمسْجِدِ الحَرَامِ

(٢٠١)

المسائل التي خالف فيها

زاد المستقنع متنهى الإرادات

تَأْلِيْفُ

فَضِيْلَةِ الشَّيْخِ العَالِمِ الحَنْبَلِيّ الحَائِلِيّ

سليمان بن عطية الزيني (١٣١٧ هـ - ١٣٦٣ هـ) رَحِمَهُ اللهُ تَعَالى

اعْتَنى بِإِخْرَاجِهَا

حسان بن إبراهيم بن عبد الرحمن الرديعان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وآله وصحبه، وبعد:

فقد تتبعتُ ((زاد المستقنع))، فوجدته قد خالف ((المنتهى)) (بثمان)^(١) وعشرين مسألة.

وسأذكرها هنا إن شاء الله تعالى مفصّلة.

الأولى: لا تصحُّ صلاة النافلة في الكعبة إلَّا باستقبال شاخصٍ منها^(٢).

وظاهر ((المنتهى)): تصح مطلقًا^(٣).

الثانية: إذا نوى المنفرد الائتمام أو الإمامة في أثناء الصلاة صحَّ في النفل^(٤).

و ((المنتهى)): لا يصحّ في فرضٍ ولا نفل^(١).

الثالثة: إذا سلَّمَ من الصَّلاة قبل إتمامها ناسيًا، فتكلّم كلامًا يسيرًا لمصلحتها لم تبطل^(٢).

و((المنتهى)): تبطل مطلقًا^(٣).

الرابعة: ما كان من المساجد أكثرُ جماعةً فهو أفضل من العتيق^(٤).

وفي ((المنتهى)): العتيق أفضل^(٥).

الخامسة: لا تدفع الزكاة إلى مطّلبي^(٦).

وفي ((المنتهى)): بلى^(٧).

السادسة: إنما يحرمُ مضغُ العلك المتحلِّل على الصائم إن بلع ریقه^(٨).

وفي ((المنتهى)): يحرمُ مطلقًا^(٩).