المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة

Abu Ishaq al-Huwaini d. Unknown

المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة

المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة

Editorial

مكتبة دار ابن عباس للنشر والتوزيع

Ubicación del editor

جمهورية مصر العربية

Géneros

المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة التي خرَّجها فضيلة الشيخ المحدث أبو إسحاقَ الحوينيّ الجزء الأول (١ - ٥٠٠) تصنيف وانتقاء أبي عمرو أحمد بن عطية الوكيل غفر الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين

1 / 1

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

1 / 2

المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة التي خرجها الشيخ أبو إسحاق الحوينيّ

1 / 3

حقوق الطبع محفوظة منية سمنود - أجا - دقهلية جمهورية مصر العربية شارع الثورة بجوار سنترال الدولية هاتف: ٠٥٠٦٤٩٣٢٥٠ - ٠٤٠٢٩١٦٣٢٤ محمول: ٠١٠٠١٦٩٧٦٧٦ - ٠١١٤٤٢٠٠٤٤٥ رقم الإيداع: الناشر مكتبة ابن عباس للنشر والتوزيع المنصورة - عزبة عقل - شارع عوض الله Ebn_abas@hotmail.com

1 / 4

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فهذه بفضل الله ونعمته هي الطبعة الُمصحّحة مِن كتابِي «المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة التي خرّجها فضيلة المحدث الشيخ أبو إسحاق الحويني -حفظه الله تعالى- في كتبه» الجزء الأول منها، تميزت عن سابقتها بأني نبهت على منهجي الجديد فيها والذي طلبه شيخُنا، من جعل المتن هو أساس اختيار الحديث في السلسلتين لا الإسناد، واتبعت ذلك في هذه الطبعة، فوضعت المتن الصحيح بأسانيده الصحيحة أولًا ثم ثنيت بالطرق المتكلم فيها، فلما كبر حجم الكتاب اكتفيت بـ (٥٠٠) حديث في هذا الجزء؛ وأصلحتُ بعض الأخطاء المطبعية التي ظهرت لي في الطبعة التجريبية ونبهني بعضُ الأحباب إليها؛ وأعدت كتابة الرموز والاختصارات المستخدمة في تخريج الأحاديث قبل أسماء الكتب والمخطوطات، ثم رتبت الرموز على حروف المعجم، لمَّا كان الباحث معه الرمز ويبحث عن اسم الكتاب فصار الترتيب للرموز أولى منه للكتب؛ كما حذفت التكرار في الفوائد، وفي التخريج، وأحلت في كل مرة إلى الموضع الأول. هذا وأرجو من الله العليّ القدير أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم، وأن يثقل به الموازين، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والحمد لله رب العالمين، وصلى اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أبو عمرو أحمد بن عطية الوكيل غرة رمضان ١٤٣٠ هـ

1 / 5

أشهد الله أن أبا إسحاق من علماء الحديث .. ومن أهل الحديث الراسخين فيه .. ولم أرَ شيخنا الألباني فرحًا، بأحدٍ كما رأيُته فرحًا بقدوم الشيخ أبي إسحاق .. ومجالسه مع الشيخ محفوظة تُبنيء عن علمٍ غزير .. بل عن تدقيق .. قلَّ أن يصل إليه أحد .. * * * أنا لا يوجد عندي تلفاز ولا ستالايت .. ولكن لي بعض الأقارب .. أرى فيهم يعني تقدمًا وتقربًا وحبًّا لدعوتنا وللسَّنة، وأثرًا ظاهرًا .. وبدأت أسمع منهم يقولون "تصفية .. وتربية" .. من أين لكم هذا؟ قالو .. هذا أبو إسحاق .. يقول هذا أبو إسحاق نقول جزي الله خيرا أبا إسحاق جزي الله خيرا أبا إسحاق وأسأل الله أن يثبت أبا إسحاق على الخير!! فهو إذا كان عمله في التصفية والتربية، وهذا الذي نعهده به، فجزاه الله خيرا .. وهذه دعوتنا!! هذه دعوتنا وهذا الذي نرى أن الأمة لا تنهض إلا به!! الأمة تنهض بالتصفية والتربية .. مشهور بنُ حسن آل سَلمان حفطه الله تعالى قال أبو عَمرو: سمعت هذه الشهادة، بأذُني مسجلة على الهاتف المحمول لابني (عَمرو) ضمن فتاوى الشيخ مشهور ثم رأيتها على شبكة المعلومات

1 / 7

الإهداء إلى شيخنا، وأستاذنا، وقدوتنا، حافظ الوقت: أبي إسحاق الحويني، ونيتنا في هذا التصنيف تقريب علمكم وجهدكم بارك الله فيكم وتقديمه إلى جماهير المسلمين في أيسر وأبسط صورة وإلي شيخنا المفضال الحبيب .. أبي عمار وحيد بن عبد السلام بالي فأنتم أول من أشار ووجه لمثل هذا العمل فجزكم الله خيرا أبو عَمرو أحمد بن عطية الوكيل غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين

1 / 9

التقديم ولماذا المنيحة؟ وطريقة العمل فيها وأسس انتقاء الأحاديث في السلسلتين الصحيحة والضعيفة

1 / 11

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنْ الحمدَ لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمّدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: ١]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١]. أمَّا بعد: فلما أصدرتُ بفضل الله تعالى ومنَّته كتابي (المعجم المفهرس للأحاديث النبوية والآثار السلفية التي خرجها الشيخ الحويني في كتبه)، طلب منى جماعةٌ من أهل العلم والفضل وجماعةٌ من الإخوان والأحباب من غير تواطؤ بينهم، طلبوا جمعَ الأحاديث والآثار الصحيحة والحسنة في ذلك المعجم، ثم فصلها عن تلكم الأحاديث والآثار الضعيفة، مع ذكر أحكام الشيخ الحويني عليها كما هي في (المعجم المفهرس)، ومع ذكر أصحاب الكتب التي أخرجت تلك الأحاديث والآثار. فقال الشيخ أبو عمَّار وحيد بنُ عبد السلام بالي: وددتُ لو أكملتَ لنا المتنَ في كل طَرَف من أطراف

1 / 13

(المعجم المفهرس) (١)، وفصلتَ الضعيفَ عن الصحيح، ووضعتَ التخريجَ مع كل حديث، لكانَ أيسرَ وأكملَ في النفع. ثم التقيتُ بالشيخ أبي عمَّار غير مرة، فرأيته يحثني، ويدفعني لمثل هذا البحث دفعًا. فلمَّا رأيتُ جماعةً كثيرين من الطلاب شرقًا وغربًا، راغبين في الحصول على مثل هذا المصنف، وكلٌّ يسعى وراء ضالته المنشودة، استخرتُ الله تعالى، وشمرتُ عن ساعد الجد، وباشرتُ العمل منذ سنين، وبذلتُ أقصى جهدي في انتقاء الأحاديث والآثار التي حققها شيخنا، فما أشار الشيخُ إلى صحته أو حسنه منها وضعته في الصحيحة، وسميته: (المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة التي خرجها أبو إسحاق الحويني في كتبه)، وما أشار إلى ضعفه أو إرساله أو نكارته أو وضعه وما شابه فى ذلك وضعته في الضعيفة، وسمتيه: (المنيحة بسلسلة الأحاديث الضعيفة ..). وهده سبيلي وطريقتي في العمل، أسستُ بُنيانَها بعد تقوى مِنَ الله ﷿، على خمس ركائز: ١ - أولًا: أذكر متن الحديث أو الأثر كاملًا. وأجعل خطه مميزًا. أنتقي لفظ البخاري أو مسلم وأقدمه على لفظ غيرهما. وأحرصُ على ذكر زيادات الرواة، وسياقاتهم المختلفة في المتن الواحد، لما لها من فوائد جمة. وأحرصُ على ذكر معاني

(١) طُبِع المعجم كاملًا في ستة مجلدات في دار الصفا والمروة بالإسكندرية، وتلاه صِنوُه كتابي الآخر (نثل النبال بمعجم الرجال الذين ترجم لهم أبو إسحاق الحويني) وطبع الأخير في ثلاثة مجلدات في مؤسسة العلياء بالقاهرة. وبهذين (المعجمين) يكون بين يدي الطالب مجهود الشيخ أبي إسحاق في خدمة حديث النبيّ ﷺ؛ وأرجو أن ينفعني الله تعالى بهما جميعًا، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

1 / 14

بعض المفردات الغريبة الواردة في المتن، وإن لم ترد هذه المعاني في كتب الشيخ استخرجتها من مظانِّها من المصادر التي تُعنى بالغريب، وأضع المتن وما يتعلق به بين معكوفين هكذا: (...). ٢ - ثانيًا: أتبعه بذكرِ صحابِيِّه فقط، بأن أقول عن فلان من الصحابة ﵃، أو أذكرُ شطرًا من الإسناد قُبَيل الصحابي، وبدءً مِنَ الراوي المشترك؛ وبه يظهر للقاريء صحة الحديث أو ضعفه. وأضع ذلك بين معكوفين أيضًا. ٣ - ثالثًا: أذكر درجة الحديث أو الأثر، والكلام على سنده أو رجاله، مع التعليق إن لزم الأمر، وكانت هنالك فائدة ذكرها الشيخ أثناء التحقيق. ٤ - رابعًا: أذكر تخريج الحديث أو الأثر، وأجتهدُ في ذكر كلِّ الكتب والمصادر التي أخرجَت ذلك الحديث أو الأثر، سواء أكانت مخطوطة أو مطبوعة؛ وجعلت التخريج بالرموز، وذكرتُ فصلًا في بيان هذه الرموز، وصدَّرتُ به الأحاديث. ٥ - خامسًا: أُنهي الحديث أو الأثر بذكر موضعه في كتب الشيخ، فأذكر اسمَ الكتاب مختصرًا، ثم الجزء والصفحة ورقم الحديث، أو الجزء والصفحة فقط إن كان الحديث في الحاشية، أو لم يكن الكتاب مرقمًا؛ وذكرت فصلًا في بيان أسماء واختصارات ومخطوطات وطبعات الكتب التي انتقيتُ منها الأحاديث والآثار. وانتقاءُ الأحاديث ليس بدعًا من التصنيف، والسَّلف الصالح رضوان الله عليهم فعلوا ذلك، فمن أولئك: الإمام البخاريُّ أبو عبد الله محمد بنُ إسماعيل (ت ٢٥٦ هـ) لما بلغت محفوظاته مائة ألف حديثٍ صحيحٍ، انتخب منها ما أودعه في الجامع الصحيح، ونقل الحافظ في "هدي الساري" عن البخاريّ، من غير وجه، أنه قال: صنفتُ

1 / 15

الجامع من ستمائة ألف حديث في ست عشرة سنة وجعلته حُجَّة فيما بيني وبين الله. اهـ. وعلى قول ابن الصلاح في "علوم الحديث"، وكما في "الهدي" أيضا وغيره، عدد أحاديث صحيح البخاري سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون حديثًا، بالأحاديث المكررة، قال: وقيل: إنها بإسقاط المكرر أربعة آلاف حديث. فانتقى البخاريُّ - رحمه الله تعالى - أحاديث الصحيح من مجموع ما كان محفوظًا عنده. وأبو عبد الرحمن النَّسائيّ أحمد بنُ شعيب بنِ عليّ (٣٠٣ هـ)، لما صنَّف كتابه (السنن الكبرى) وأودع فيه قريبًا من اثني عشر ألف حديث، اجتبى منه كتابه (السنن الصغرى) وأحاديثُهُ قريبة من ستة آلاف حديث، وسماه (المجتبى)؛ بل إنه - عليه رحمة الله تعالى - أودع كتابه (المجتبى) أحاديث ليست في (الكبرى)، ويحكي ابنُ الأحمر، كما في النكت لابن حجر وغيره، عن النسائي أنه قال: "كتاب السنن كله صحيحٌ وبعضه معلول ..، والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيحٌ كلُّه". اهـ. وانتقى أبو محمد عبد الله بنُ عليّ بنُ الجارود النيسايوريّ (٣٠٧ هـ)، ثُلَّةً من السنن المسندة عن رسول الله ﷺ، تربو على الألف حديث، وجمعها في كتاب سماه (المنتقى). ولأبي عَمرو عثمان بنِ محمد بن أحمد السمرقندي، المتوفي سنة (٣٤٥ هـ) جزءٌ فيه من الفوائد (٢) المنتقاة الحسان العوالي.

(٢) وكلمة "الفوائد" معناها كما هو مقرر في موضعه، هي: أحاديث اشتملت على فوائد إما في أسانيدها أو في متونها أو فيهما جميعًا. يُحدِّث بها الشيخُ تلاميذَه، من أصوله المسموعة أو المجموعة لديه، عن شيوخه. وأذكر مثالًا واحدًا أدلُّ به على فائدة واحدة تكونُ في السند: لو كان الحديثُ مشهورًا معروفًا من رواية صحابيّ معين، =

1 / 16

وانتقى ابنُ أبي الفوارس أبو الفتح محمد بنُ أحمد بنِ محمد (٤١٢ هـ)، وخرَّجَ أجزاءً من فوائد أحاديث أبي طاهر محمد بنِ عبد الرحمن المخلص (٣٩٣ هـ). وانتقى أبو عبد الله ضياء الدين المقدسي محمد بنُ عبد الواحد بن أحمد، المتوفى سنة (٦٤٣ هـ)، أحاديث مما ليس في البخاري ومسلم، في كتاب سماه (الأحاديث المختارة). وانتقى شيخُ الإسلام ابنُ تيمية (٧٢٨ هـ) - عليه رحمة الله - جزءًا، فيه أربعون حديثًا منتقاة مخَرجة من كبار شيوخه. ولشيخِ الإسلام ابنِ تيمية أيضًا جزءٌ، فيه أحاديث أبدال عوالي، عدَّتُها واحدٌ وثلاثون حديثًا، منها: حديثٌ واحدٌ منتقى من فوائد أبي إسحاق الُمزكِّي إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوريّ (٣٦٢ هـ)، وثلاثون حديثًا منتقاة من فوائد أحاديث أبي بكر الشافعيّ محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغداديّ (٣٥٤ هـ)، وهي المسماة بالغيلانيات، يعني نسبةً لأبي طالب ابن غيلان محمد بن محمد بن إبراهيم (٤٠٤ هـ)، راويها عن أبي بكر الشافعيّ (٣).

= فيجيء هذا الشيخ -المُفيد أو صاحبُ الفوائد- فيروي ذاك الحديث بإسناده إلى صحابيٍّ آخر؛ فهذا حديثٌ فائدة، ولا عجب -من ثم- إن جاءت الأحاديث الفوائد غرائب ومناكير. (٣) روى ابنُ غيلان عن الشافعي أحدَ عشرَ جزءًا، وكان أول سماعه منه في يوم الجمعة لعشر خلون من شهر رمضان سنة (٣٥٢ هـ) - كما نصَّ عليه ابنُ غيلان في أول حديث له عنه. ونظرتُ في سماعاته في "الغيلانيات" فإذا هو قد سمع منه في يوم الجمعة لثمان بقين من شوال سنة (٣٥٢ هـ)، وفي يوم الجمعة غرة ذي الحجة من سنة (٣٥٣ هـ)، وسمع منه قراءة عليه في صفر من سنة (٣٥٤ هـ)، ولعل هذا كان =

1 / 17

وللحافظ شمس الدين الذهبيِّ محمد بنِ أحمد بنِ عُثمان (٧٤٨ هـ) كتاب: (أحاديث مختارة من الأباطيل للجورقاني وغيره)، مطبوع سنة ١٤٠٤ هـ في المدينة النبوية؛ انتقى فهه مجموعة من الأحاديث الموفموعة والباطلة من كتاب (الأباطيل) وأيضًا من كتاب (الموضوعات) لابن الجوزي للتأكيد على تحذير المسلمين منها. وانتقى شيخُنا أبو إسحاق - حفظه الله تعالى ورضي عنه - خمسين قصةً، من صحيح القصص النبوي، وأودعها جزءًا لطيفا سماه (صحيح القصص النبوي). هذا، وبمكن أن يُجمع مجلد كبير في انتقاء العلماء وتصنيفهم في ذلك؛ وإنْ تعددت المعاني التي لأجلها كان الأئمة ينتقون الأحاديث، فكأن المعنى الأصيل الذي عناه المحدثون - عليهم رحمةُ الله تعالى - في الانتقاء هو ما أفصح عنه مسلمٌ في "مقدمة صحيحه" مِنْ أنَّ ضبطَ القليلِ مِنْ هذا الشأن، وإتقانَهُ، أيسَرُ على المرءِ مِنْ مُعالَجَةِ الكثير منه. وأنَّ القصدَ إلى الصحيحِ القليلِ من الأحاديث أولى مِنْ الازدياد مِنَ السقيمِ الكثيرِ، والله أعلم. وإني بإذن الله تعالى أقتدي بهدي أولئكم، وأنحو نحوهم، وأسير على دربهم في التصنيف، وأنتقي من الأحاديث والآثار التي حققها شيخنا أبو إسحاق الحويني، ما رجوتُ أن يكون فيه الخير والنفع لعامة المسلمين، فهذا حقهم وفرْضُهم علينا وأمثالنا من طلاب العلم.

= آخر سماع له منه إذ قد مات الشافعي في ذي الحجة سنة (٣٥٤ هـ) وله خمس وتسعون سنة. فانفرد ابن غيلان بالعلو عنه لذا قال الذهبيُّ في ترجمة ابن غيلان من "السير": تفرد في الدنيا بعلوها. اهـ. وقال في ترجمة الشافعي من "العبر في خبر من غبر": وهو -يعني: ابن غيلان- آخر من روى عنه تلك الأجزاء، التي هي في السماء علوًا. اهـ.

1 / 18

وهاك الأسس والقواعد الرئيسة، التي انتقيتُ بها وعليها الأحاديث في (السلسلتين)، مع ذكر أمثله، ومع التنبيه على بعض الأمور في ثنايا هذه الأسس: ١ - الأحاديث المراسيل، وإن صحَّ الإسناد إلى المُرسل، أو لم يصح، أخرجتها في (السلسلة الضعيفة). لا أُبالي إن فعلتُ، فالمرسل من أقسام الحديث الضعيف، وقد قال مسلمٌ - عليه رحمة الله تعالى - في "مقدمة صحيحه": والمُرسَل من الرِّوَاياتِ في أصلِ قولِنا، وقولِ أهلِ العلمِ بالأخبارِ، ليس بِحُجَّةٍ. اهـ. والترمذيُّ - عليه رحمة الله - يقول في كتاب "العلل - المطبوع في نهاية الجامع": الحديثُ إذا كان مرسلًا فإنه لا يصح عند أكثر أهل الحديث، قد ضعَّفهُ غيرُ واحد منهم. اهـ. وأبو محمد عبد الرحمن ابنُ أبي حاتم - عليه رحمة الله - قال في أول "كتاب المراسيل" له: سمعتُ أبي وأبا زرعة، يقولان: لا يحتج بالمراسيل، ولا تقوم الحجة إلا بالأسانيد الصحاح المتصلة، وكذا أقول أنا. اهـ. ومثاله ما أخرجته في الضعيفة (٤): (تزوج النبيّ ﷺ بعض نسائه وهو مُحْرِمٌ) (رواه: عبد الرحمن بنُ مهدي، عن أبي عوانة، عن المغيرة، عن شباك الضبي الكوفي الأعمى، عن أبي الضحى مسلم ابن صبيح، عن مسروق به هكذا مرسلًا). (وقال معلي بنُ أسد وإبراهيم ابنُ الحجاج: ثنا أبو عوانة، عن المغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة ﵂ بنحوه. وهو في السلسلة الصحيحة. معلى

(٤) تنبيهٌ: عدلتُ عن هذا المنهج، طالما صح المتنُ وضعته وطرقه في (الصحيحة)؛ وانظر فيما يأتي الفقرة رقم ١٥، والتي تليها.

1 / 19

ابنُ أسد وهو ثقةٌ ثبتٌ. وإبراهيم بنُ الحجاج النيليّ وقد وثقه ابنُ حبان والدارقطنيُّ والذهبيُّ، رواه كلاهما عن أبي عوانة مسندًا. وخالفهما عبد الرحمن بنُ مهدي، وهو مَنْ هو، فرواه عن أبي عوانة مرسلًا، كما مر. والذي يظهر لي هو صحةُ الروايتين جميعا، لثقة من روى الوجهين عن أبي عوانة، ولا أرى أنْ يُعلَّ أحدهما الآخر) (س كبرى) (تنبيه ٤ / رقم ١١٤٠؛ تنبيه ٤ / رقم ١٢٤٩؛ تنبيه ١٢/ رقم ٢٤٨٣). ٢ - أمَّا الآثار الموقوفة على الصحابة أو حتى المقطوعة على التابعين، لو جاءت بإسناد صحيح، خرَّجتُها انتقاءً في (المنيحة بالسلسلة الصحيحة)؛ ولو جاءت بإسناد ضعيف، خرَّجتُها في (الضعيفة). ٣ - وقد لا أذكر كلمة: (حديث صحيح) أو (ضعيف)، فهو مفهومٌ ومتبادرٌ من كون الحديث مخرَّجًا في (الصحيحة) أو في (الضعيفة). ٤ - إذا قلتُ: (قال شيخُنا) فهو لشيخنا. وإذا لم أقل: (قال شيخنا) فهو لشيخنا أيضًا. وإذا قلتُ: (قلتُ) فهو قولي، إلا ما كان في سياق شيخنا. ٥ - أقتصر في التخريج على تخريج الرواية الصحيحة. أما الرواية المخالفة فمن النادر لو خرَّجتها إلا لو انتقيتها في الضعيفة فلا بد من ذكر تخريجها. ٦ - ولا أذكر في التخريج اسم صاحب الكتاب إن كان الحديث المنتقى من كتابه. يعني أحاديث من كتاب (الزهد لأسد بن موسى). لا أكتب رمز (أسد بن موسى) في التخريج. إنما اكتفيت بذكر الكتاب في مكان موضع الحديث في كتب الشيخ.

1 / 20

٧ - وقد توسعت في التخريج، ظنًا مني أنه في مصلحة طالب العلم، حتى يصير لديه كل الكتب، ولا سيما المخطوط منها، التي أخرجت الحديث والتي ذكرها الشيخ الحويني في أثناء تحقيقه للحديث وهو عادة يتوسع في ذلك. ٨ - وجعلت هذا التخريج بالرموز منعا من زيادة حجم الكتاب، وجعلت بابًا مستقلا لمعرفة الرموز والاختصارات المستخدمة في التخريج، كما أشرت سابقًا. ٩ - وفي هذا الباب رتبت الرموز والاختصارات على حروف الهجاء لتكون أيسر إذا ما أراد النَّاظرُ معرفة مَنْ صاحب هذا الاختصار؛ وقمت بتحديث هذا الباب في كل جزء جديد من أجزاء (المنيحة). ١٠ - قد أنتقي من الأحاديث في (الصحيحة) على أساس الإسناد الصحيح المشهور عند أهل العلم بذلك، مثل: (أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة)، وإن لم يذكر شيخُنا أنها صحيحة اكتفاء منه بشهرتها وخاصة في كتابه (تنبيه الهاجد)، على ألا يكون لأهل الصناعة الحديثية كلام في ردِّ الرواية، أو هي بالفعل مُخرّجة في أحد الكتب التي يشترط أصحابها الصحة. ١١ - وأيضًا قد انتقي من الأحاديث التي أراها مخرجة في صحيحي: البخاري ومسلم، أو أحدهما، وأذكرها في (الصحيحة). ١٢ - أترضى على الصحابي واجعل هذا دأبي، وإن لم يكن بالأصل. ١٣ - قد أُعَقِّب بعد متن الحديث، بكلام يُبَيِّنُ المعنى، ليسهُل الإفادة من الحديث، مثاله في الصحيحة: (أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم ﷺ. يعنى: لأنه خرج من المسجد وقد أذَّنَ المؤُذِّنُ) (أبو الأحوص، وسفيان الثوري، وشعبة بنُ الحجاج، وعُمر بنُ عُبَيد الطنافسيُّ، كلُّهُم رووه

1 / 21

عن إبراهيم بن المهاجر، عن أبي الشعثاء، قال: كنا قعودًا في المسجد، مع أبي هريرة ﵁، فأذَّنَ المُؤذِنُ، فقام رجلٌ من المسجد، فأتبعه أبو هريرة بصره حتي خرج من المسجد، فقال أبو هريرة .. فذكره. وقد توبع إبراهيم بنُ المهاجر: تابعه أشعث بنُ أبي الشعثاء، فرواه عن أبيه بهذا. وتابعه أبو صخرة جامع بنُ شداد، فرواه عن أبي الشعثاء بسنده سواء. ورواه حبيب بنُ أبي ثابت عن سُلَيم كذلك. وسُلَيم هو أبو الشعثاء. وقد توبع أبو الشعثاء على هذا السياق: تابعه أبو صالح، قال: رأى أبو هريرة ﵁ رجلًا قد خرج من المسجد، وقد أذَّنَ المُؤذّنُ، فقال: .. وذكر مثله). (أصحُّ حديثٍ في هذا الباب) (م، نعيم، عو، د، ت، س، س كبرى، ق، حم، مي، إسحاق، حمي، خز، حب، طب أوسط، قط علل، وأفراد، هق) (تنبيه ١٢ رقم ٢٣٨٠). ١٤ - أخطاء الرواة لا أبالي إن انتقيتها في (السلسلة الضعيفة): ومثاله ما أخرجته في الضعيفة (٥): (من يُرِدِ اللهُ به خيرًا، يفقهه في الدين) (رواه عبد الواحد بنُ زياد، وعبد الأعلي بنُ عبد الأعلى البصريان، كلاهما عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعًا). (قال شيخنا: كذا رواه معمر بنُ راشد، ووهم فيه، وقد تكلَّم العلماء في رواية أهل البصرة عن معمر، فقد وقعت منه أوهامٌ في البصرة حملها عنه أهلها، وعبد الواحد وعبد الأعلى بصريان.

(٥) تنبيهٌ: عدلتُ عن هذا، طالما صح المتنُ وضعته وطرقه في (الصحيحة)؛ وانظر الفقرة رقم ١٥] والتي تليها.

1 / 22

وقد اختلف أصحابُ الزهريّ عليه في إسناده. فرواه شعيب بنُ أبي حمزة، عنه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ورواه يونس بنُ يزيد، وعبد الوهاب بنُ أبي بكر، عنه، عن حميد بن عبد الرحمن، عن معاوية مرفوعًا. وهذا الوجه هو المحفوظ كما جزم به الدارقطنيُّ وغيرُهُ. قال أبو عمرو: وهو اختيار البخاري ومسلم وغيرهما، وانظر سياقه وتخريجه في "المنيحة بسلسلة الأحاديث الصحيحة"، والحمد لله رب العالمين) (ق، حم، يع، الآجري أخلاق العلماء، طح مشكل، قط علل، خط الفقيه، ابن عبد البر الجامع) (تنبيه ١ / رقم ١٠٠). ١٥ - انتقاء الأحاديث في (الصحيحة) أو في (الضعيفة) يكون الاعتماد فيه على الإسناد (٦). وإن كان المتنُ واحدًا أو كادَ. وهكذا العلماء يفعلون، قال السيوطيُّ في ألفيته: «واحملْ مقالَ عُشْرِ ألفِ ألفِ ... أحْوِي عَلَى مُكَرَّرٍ وَوَقْفِ». فإن قال البخاري: «أحفظُ مائةَ ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح». فهذا باعتبار الإسناد لا باعتبار المتن، ومعناه: مائة ألف إسناد صحيح، ومائتا ألف إسناد غير صحيح. قال الشيخ أحمد شاكر ﵀ في شرحه على الألفية: هو يريد بهذا العدد اختلاف طرق الحديث باختلاف رواته، ويدخل فيه أيضًا الأحاديث الموقوفة، فإنَّ الحديثَ الواحدَ قد يرويه عن الصحابي عددٌ من التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عددٌ من أتباع التابعين، ثم يرويه عن كل واحد منهم عددٌ من أتباع التابعين، وهكذا، فيكونُ الحديثُ الواحد أحاديثَ كثيرة متعددة بهذا الاعتبار. اهـ.

(٦) تنبيهٌ: عدلتُ عن هذا؛ وانظر الفقرة التي تليها.

1 / 23

مثاله، حديث: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه». رواه عن النبيّ ﷺ جمعٌ من الصحابة الكرام ﵃، منهم: عثمان بنُ عفان ﵁، وعليّ بنُ أبي طالب ﵁، وعبد الله بن عَمرو ﵄، وابن مسعود ﵁، وأبو أمامة ﵁، وسعد بنُ أبي وقاص ﵁. إسناد الأول: صحيحٌ. والثاني: منكرٌ فيه عبد الرحمن بنُ إسحاق قال البخاريُّ فيه: فيه نظر. والثالث: فيه ابنُ لهيعة وهو سيء الحفظ. والرابع: لا يصح لاضطرابه. والخامس: فيه موسى بنُ عُمَير القرشيّ وكذَّبه أبو حاتم. والسادس: ضعيفٌ جدًا. فأخرجتُ الأول في الصحيحة، وأخرجتُ الباقين في الضعيفة؛ ونبهتُ في كل موضع علي أن الحديثَ صحيحٌ عن عثمان ﵁. وراجع (المعجم المفهرس) أرقام: ٦٥٩٢، ٦٥٩٣، ٦٥٩٤، ٦٥٩٥، ٦٥٩٦، ٦٥٨٥، ٦٥٨٦. ١٦ - ثم عَدَلتُ عن هذا المنهج بناء على رغبة الشيخين -أبي إسحاق وأبي عمار، بارك الله فيهما- ليكون الاعتماد على المتن لا على الإسناد، بحيث أنْ يُوضع المتن الصحيح في (السلسلة الصحيحة) بكامل أسانيده المتاحة على ما فيها من كلام، أبدأ أولًا بالأسانيد الصحيحة مع سياقاتها، ثم أُثني بذكر الطرق التي فيها ضعف مع سياقاتها مبتدأة بكلمة (فصلٌ)، من غير ترقيم جديد. ١٧ - ويوضع المتن الضعيف في (السلسلة الضعيفة)، وسيراعى ذلك فيما يطبع من أجزاء بإذن الله تعالى. ١٨ - ذكرتُ اختلافَ الروايات في السياقات كما تناولها شيخُنا في نقده للحديث، وفرَّقتُ هذه السياقات في الأبواب المختلفة، فلا يتوهم أنه تكرار. فإن كان حديثًا

1 / 24