204

Al-Manaah al-Aliyah fi Bayan al-Sunan al-Yawmiyah

المنح العلية في بيان السنن اليومية

Editorial

مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع

Número de edición

الثالثة والعشرون

Año de publicación

١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م

Ubicación del editor

السعودية

Géneros

من أذكار؛ لأنه في أذكاره لا يتحرَّك إلا لسانه، ولو تحرَّك القلب، وتدبَّر لزاد الإيمان، ورقَّ القلب.
واعلم أيضًا: أيها الأخ المبارك: أنَّ الذِّكر من حيث موضعه على نوعين: ذكر مقيَّد، وذكر مطلق.
فالمقيَّد هو: ما قُيِّد بمكان، أو وقت، أو حال.
والمطلق هو: ما لم يُعيَّن بشيء من ذلك، وإنما في سائر اليوم.
فأذكار ما بعد الصلوات، أو الذِّكر الذي يكون بعد الأذان، وكذا كل ذكر قاله النَّبيُّ ﷺ في مكان، أو وقت معيَّن، فإنه يُقدَّم على سائر الذِّكر المطلق؛ لأنه بهذا يحصل على اتباع النَّبيّ ﷺ فيفعل كفعله ﷺ فلو سلَّم من صلاته المفروضة، فإنَّ الأفضل في حقِّه أن يأتي بأذكار ما بعد الصلاة، ولا يأتي بغيره من الأذكار ولو كان فاضلًا كقراءة القرآن؛ لأنه هكذا فعل النَّبيُّ ﷺ، والخير تمام الخير في التأسي به ﷺ.
- بالذِّكر يكون العبد من السابقين.
الحديث عن الذِّكر وفوائده يطول، ولكن ينبغي للمسلم ألَّا يكون ممن قلَّ ذكره لربه، ويبادر للحفاظ على تلك النوائل العظيمة، والفضائل الجسيمة التي تكون في الذِّكر، ويحاول شيئًا فشيئا تعويد نفسه على هذه العبادة، فيعوِّد نفسه التي لطالما نفهت من الطاعة، فيأخذ من سُنَّة النَّبيّ ﷺ نوعًا، ويحافظ عليه مدة حتى إذا استمكن منه وصار هذا الذِّكر من عمله في يومه وليلته، حمل نفسه ورفع توقها، فتاقت لذكر آخر وهكذا، حتى يكون من (المُفَرِّدين)، وهم: الذاكرون الله تعالى كثيرًا والذاكرات.
فيكون من الذين سبقوا بقول النَّبيّ ﷺ، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ﵁، قال: كَانَ رَسُولُ اللّهِ ﷺ يَسيرُ فِي

1 / 211