المجموع المفيد الممتاز من كتب العلامة ابن باز

Ibn Baz d. 1420 AH
113

المجموع المفيد الممتاز من كتب العلامة ابن باز

المجموع المفيد الممتاز من كتب العلامة ابن باز

Editorial

دار طيبة الخضراء للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٧ م

Ubicación del editor

مكة المكرمة

Géneros

التقوى﴾، أي: خير الزاد للمؤمن ولإخوانه التقوى، أن يتقي الله بطاعته والإخلاص له، وفي نفع إخوانه الحجاج، وتوجيههم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، ومواساة المحتاج منهم بالطريقة الحسنة وبالأسلوب المناسب. ثم كرر سبحانه فقال: ﴿واتقون يا أولي الألباب﴾. أمر بعد أمر أكد فيه ﷾ التقوى لما فيها من الخير العظيم، كما قال سبحانه: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ [الحجرات: ١٣]، وسئل النبي ﵊: أي الناس أكرم؟ قال: "أتقاهم" (^١). فأتقى الناس لله هو أكرمهم عنده وأفضلهم عنده، من عرب وعجم، وأحرار وعبيد، ورجال ونساء، وجن وإنس، وعلى رأسهم الرسل عليهم الصلاة والسلام والأنبياء، ثم بعدهم الأفضل فالأفضل. وقد قال تعالى: ﴿يا أولي الألباب﴾؛ لأن أولي الألباب - وهي العقول الصحيحة- هم الذين يعقلون عن الله، وهم الذين يفهمون مراده، وهم الذين يقدرون النصائح والأوامر، بخلاف فاقدي العقول فلا قيمة لهم، ومن أعرض عن الله وغفل عنه فليس من أولي الألباب، وإنما أولو الألباب المقبلون على الله، الراغبون في طاعته، الراغبون فيما ينفع الناس، الناس كلهم مأمورون بالتقوى، لكن أولي الألباب لهم ميزة؛ لما أعطاهم الله من العقل والبصيرة، كما قال جل وعلا في آية أخرى: ﴿وليذكر أولو الألباب﴾ [إبراهيم: ٥٢]، فكلنا مأمورون بالتذكر والتقوى لكن أولي الألباب لهم شأن ولهم ميزة في فهم أوامر الله وتنفيذها، وهكذا قوله تعالى: ﴿إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب﴾ [آل عمران: ١٩٠]، فيه آيات للجميع لكل أحد، لكن لا يفهمها ولا يعقلها ولا يقدرها إلا أولو الألباب. ويقول سبحانه: ﴿وأذن في الناس بالحج﴾ [الحج: ٢٧]، أي: أذن يا إبراهيم وأعلن للناس بالحج، وقد فعل ونادى الناس وأعلن ﵊، والدعاة إلى الله ينادون بالحج اقتداء بإبراهيم والأنبياء من بعده، وبنبينا ﵊. "يأتوك رجالًا"، أي: مشاة. وقد استنبط بعض الناس من الآية الكريمة أن الماشي أفضل ولكن ليس بظاهر؛ لأن الرسول ﷺ حج راكبًا وهو القدوة والأسوة، عليه

(^١) رواه البخاري في (أحاديث الأنبياء) باب قول الله تعالى: "واتخذ الله إبراهيم خليلا" برقم ٣٣٥٣، ومسلم في (الفضائل) باب من فضائل يوسف برقم ٢٣٧٨

1 / 114