بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله حمداً طيباً مباركاً فيه كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم على منهاجهم إلى يوم الدين، أما بعد.
فإن الله تَعَالَى جعل على رأس كل مائة سنة مجدداً لهذه الأمة، يجدد ما اندرس من أمر دينها، فيردّ على أهل البدع بدعهم، ويزيل الغشاوة عن بصائر الحائرين، ويقيم الحجة على الخلق بالبلاغ المبين، وينصر سنة النبي الأمين، ويردّ على كل أفاك أثيم، ما اختلقه من شبهٍ وضلالات، يسميها حججاً وبراهين.
ومما لا شكّ فيه عند أهل السنة والجماعة - السلف الصالح؛ الذين هم أهل الحديث حقاً وصدقاً - أن شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحرَّاني (ت٧٢٨هـ) هو المجدد على رأس المائة السابعة.
فقد جدد لهذه الأمة ما اندرس وتغيّر من أمر دينها، فردّ على المتكلمين والفلاسفة وأفراخهما ما ابتدعوه من بدع وضلالات، وكسر شوكتهم، وأبان عوار منهجهم، وسوء فهمهم وقلة علمهم بالسنة ومعانيها، وردّ تخرصاتهم على القرآن، وتحريفهم لمعانيه، فأثار ذلك حنقهم عليه، فأجلبوا خيلهم ورجلهم، وألّبوا عليهم العامة والخاصّة، وبذلوا ما استطاعوا لسجنه بل قتله، وأشاعوا في الناس أكاذيب