34

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Editorial

إدارة الطباعة المنيرية - مطبعة التضامن الأخوي

Ubicación del editor

القاهرة

فَصْلٌ وَمِنْ أَهَمِّ مَا يُؤْمَرُ بِهِ أَلَّا يَتَأَذَّى مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَيْهِ إذَا قَرَأَ عَلَى غَيْرِهِ وَهَذِهِ مُصِيبَةٌ يُبْتَلَى بِهَا جَهَلَةُ الْمُعَلِّمِينَ لِغَبَاوَتِهِمْ وَفَسَادِ نِيَّتِهِمْ: وَهُوَ مِنْ الدَّلَائِلِ الصَّرِيحَةِ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِمْ بِالتَّعْلِيمِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى الْكَرِيمِ: وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ عَلِيٍّ ﵁ الاغلاظ فِي ذَلِكَ وَالتَّأْكِيدَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْهُ: وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُعَلِّمُ الْآخَرُ أَهْلًا فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا أَوْ مُبْتَدِعًا أَوْ كَثِيرَ الْغَلَطِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلْيُحَذِّرْ مِنْ الِاغْتِرَارِ بِهِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
* بَابُ آدَابِ الْمُتَعَلِّمِ أَمَّا آدَابُهُ فِي نَفْسِهِ ودرسه فكآداب المعلم: وقد أرضحناها وَيَنْبَغِي أَنْ يُطَهِّرَ قَلْبَهُ مِنْ الْأَدْنَاسِ لِيَصْلُحَ لقبول الْعِلْمِ وَحِفْظِهِ وَاسْتِثْمَارِهِ: فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ القلب: وقالوا
تطييب القلب للعلم كتطيب الْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ
* وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ الْعَلَائِقَ الشَّاغِلَةَ عَنْ كَمَالِ الِاجْتِهَادِ فِي التَّحْصِيلِ وَيَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنْ الْقُوتِ وَيَصْبِرَ عَلَى ضِيقِ الْعَيْشِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَطْلُبُ أَحَدٌ هَذَا الْعِلْمَ بِالْمُلْكِ وَعِزِّ النَّفْسِ فَيَفْلَحَ وَلَكِنْ مَنْ طَلَبَهُ بِذُلِّ النَّفْسِ وَضِيقِ الْعَيْشِ وَخِدْمَةِ الْعُلَمَاءِ أَفْلَحَ: وَقَالَ أَيْضًا لَا يُدْرَكُ الْعِلْمُ إلَّا بِالصَّبْرِ عَلَى الذُّلِّ: وَقَالَ أَيْضًا لَا يَصْلُحُ طَلَبُ الْعِلْمِ إلَّا لِمُفْلِسٍ فَقِيلَ وَلَا الْغَنِيُّ الْمُكَفَّى فَقَالَ وَلَا الْغَنِيُّ الْمُكَفَّى: وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ﵀ لَا يَبْلُغُ أَحَدٌ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ مَا يُرِيدُ حَتَّى يضربه الفقر ويؤثره على كل شئ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ﵀ يُسْتَعَانُ عَلَى الفقه بجمع الهم وَيُسْتَعَانُ عَلَى حَذْفِ الْعَلَائِقِ بِأَخْذِ الْيَسِيرِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا يَزِدْ: وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْآجُرِّيُّ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْفَاقَةِ وَرِثَ الْفَهْمَ: وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ الْجَامِعُ لِآدَابِ الرَّاوِي وَالسَّامِعِ يُسْتَحَبُّ لِلطَّالِبِ أَنْ يَكُونَ عَزَبًا مَا أَمْكَنَهُ لِئَلَّا يَقْطَعَهُ الِاشْتِغَالُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ وَالِاهْتِمَامِ بِالْمَعِيشَةِ عَنْ إكْمَالِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ: خَيْرُكُمْ بعد المائتين خفيف الْحَاذِ وَهُوَ الَّذِي لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ: وَعَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ ﵀ مَنْ تَعَوَّدَ أَفْخَاذَ النِّسَاءِ لَمْ يَفْلَحْ يَعْنِي اشْتَغَلَ بِهِنَّ.
وَهَذَا فِي غَالِبِ النَّاسِ لَا الْخَوَاصِّ: وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ إذَا تَزَوَّجَ الْفَقِيهُ فَقَدْ رَكِبَ الْبَحْرَ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ فَقَدْ كُسِرَ بِهِ: وَقَالَ سُفْيَانُ لِرَجُلٍ تَزَوَّجْتَ فَقَالَ لَا قَالَ مَا تَدْرِي مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ الْعَافِيَةِ: وَعَنْ بِشْرٍ الْحَافِي ﵀ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى النِّسَاءِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ ولا يَأْلَفُ أَفْخَاذَهُنَّ
* (قُلْتُ) هَذَا كُلُّهُ مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِنَا فَإِنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى النِّكَاحِ اُسْتُحِبَّ لَهُ تَرْكُهُ وَكَذَا إنْ احْتَاجَ وعجز عَنْ مُؤْنَتِهِ: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ﵄ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنْ النِّسَاءِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ الْخُدْرِيِّ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ: وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَوَاضَعَ لِلْعِلْمِ وَالْمُعَلِّمِ فَبِتَوَاضُعِهِ يَنَالُهُ: وَقَدْ

1 / 35