Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

Al-Nawawi d. 676 AH
106

Al-Majmu' Sharh al-Muhadhdhab

المجموع شرح المهذب

Editorial

إدارة الطباعة المنيرية

Ubicación del editor

مطبعة التضامن الأخوي - القاهرة

فِيهِ وَجَرَى لَهُ فِي السِّجْنِ أَشْيَاءُ عَجِيبَةٌ وَكَانَ الْبُوَيْطِيُّ ﵁ طَوِيلَ الصَّلَاةِ وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ يَوْمٍ: قَالَ الرَّبِيعُ مَا رَأَيْتُ الْبُوَيْطِيَّ بَعْدَ مَا فَطِنْتُ لَهُ إلَّا رَأَيْتُ شَفَتَيْهِ يَتَحَرَّكَانِ بِذِكْرٍ أَوْ قِرَاءَةٍ قَالَ وَكَانَ لَهُ مِنْ الشَّافِعِيِّ مَنْزِلَةٌ وَكَانَ الرَّجُلُ رُبَّمَا سَأَلَ الشَّافِعِيَّ مَسْأَلَةً فَيَقُولُ سَلْ أَبَا يَعْقُوبَ فَإِذَا أَجَابَهُ أَخْبَرَهُ فَيَقُولُ هُوَ كَمَا قَالَ: قَالَ الرَّبِيعُ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْزَعَ بِحُجَّةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ الْبُوَيْطِيِّ وَرُبَّمَا جَاءَ إلَى الشَّافِعِيِّ رَسُولُ صَاحِبِ الشُّرْطَةِ فَيُوَجِّهُ الشَّافِعِيُّ الْبُوَيْطِيَّ: وَيَقُولُ هَذَا لِسَانِي: وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ أَبِي الْجَارُودِ كَانَ الْبُوَيْطِيُّ جَارِي وَمَا انْتَبَهْتُ سَاعَةً مِنْ اللَّيْلِ إلَّا سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ وَيُصَلِّي: وَكَانَ الشَّافِعِيُّ قَالَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنْتَ يَا فُلَانُ يَجْرِي لَكَ كَذَا وَأَنْتَ كَذَا وَقَالَ لِلْبُوَيْطِيِّ سَتَمُوتُ فِي حَدِيدِكَ فَكَانَ كَمَا تَفَرَّسَ جَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مَا ذَكَرَهُ وَدُعِيَ الْبُوَيْطِيُّ إلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَأَبَى فَقُيِّدَ وَحُمِلَ إلَى بَغْدَادَ: قَالَ الرَّبِيعُ رَأَيْتُ الْبُوَيْطِيَّ وَفِي رِجْلَيْهِ أَرْبَعُ حِلَقٍ قُيُودٍ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَطْلًا وَفِي عُنُقِهِ غُلٌّ مَشْدُودٌ إلَى يَدِهِ: وَتُوُفِّيَ فِي السِّجْنِ فِي رَجَبٍ سَنَةَ إحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ ﵀ * وَأَمَّا الْمُزَنِيّ فَهُوَ نَاصِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ أبو ابراهيم اسمعيل بن يحيى بن اسمعيل بن عمرو بن اسحق بْنِ مُسْلِمِ بْنِ نَهْدَلَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمِصْرِيُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الطَّبَقَاتِ كَانَ الْمُزَنِيّ زَاهِدًا عَالِمًا مُجْتَهِدًا مُنَاظِرًا مِحْجَاجًا غَوَّاصًا عَلَى الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ صَنَّفَ كُتُبًا كَثِيرَةً مِنْهَا الْجَامِعُ الْكَبِيرُ وَالْجَامِعُ الصَّغِيرُ وَالْمُخْتَصَرُ وَالْمَنْثُورُ وَالْمَسَائِلُ الْمُعْتَبَرَةُ والترغيب في العلم وكتاب الوثائق. قال الشَّافِعِيُّ الْمُزَنِيّ نَاصِرُ مَذْهَبِي. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَمَّا جَرَى لِلْبُوَيْطِيِّ مَا جَرَى كَانَ الْقَائِمُ بِالتَّدْرِيسِ والتفقيه على مذهب الشافعي المزني: وأنشد لمنصور الْفَقِيهُ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ وَتَسْمَعْ أُذُنِي * أَحْسَنَ نَظْمًا مِنْ كِتَابِ الْمُزَنِيِّ وَأَنْشَدَ أَيْضًا فِي فَضَائِلِ الْمُخْتَصَرِ وَذَكَرَ مِنْ فَضَائِلِهِ شَيْئًا كَثِيرًا: قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَا نَعْلَمُ كِتَابًا صُنِّفَ فِي الْإِسْلَامِ أَعْظَمَ نَفْعًا وَأَعَمَّ بَرَكَةً وَأَكْثَرَ ثَمَرَةً مِنْ مُخْتَصَرِهِ قَالَ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَاعْتِقَادُهُ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ اجْتِهَادُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ فِي جَمْعِ هَذَا الْكِتَابِ ثُمَّ اعْتِقَادُ الشَّافِعِيِّ فِي تَصْنِيفِ الْكُتُبِ عَلَى الْجُمْلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُمَا وَجَمَعَنَا فِي جَنَّتِهِ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ: وَحَكَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ عَنْ الشَّيْخِ الصَّالِحِ الْإِمَامِ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ ﵀ قَالَ مَنْ تَتَبَّعَ الْمُخْتَصَرَ حق تتبعه لا يخفى عليه شئ مِنْ مَسَائِلِ الْفِقْهِ فَإِنَّهُ مَا مِنْ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ إلَّا وَقَدْ ذَكَرَهَا تَصْرِيحًا أَوْ إشَارَةً: وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ

1 / 107