Al-Maghribiyya fi Sharh al-'Aqida al-Qayrawaniyya
المغربية في شرح العقيدة القيروانية
Editorial
دار المنهاج للنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٨ هـ
Ubicación del editor
الرياض - المملكة العربية السعودية
Géneros
توهَّمه مِن عَظَمة؛ ولذا يَقرِنُ اللهُ الجهلَ بقَدْرِهِ بعبوديَّةِ غيرِهِ مِن دونِ الله.
فلمَّا ذكَرَ الشركَ ذكَرَ جَهْلَهم بقَدْرِهِ؛ فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: ٧٣]، ثم قال: ﴿مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: ٧٤]؛ فبيَّن أنَّ سبَبَ شِرْكِهم هو جَهْلُهم بقَدْرِ ربِّهم، وفي الآيةِ الأخرى قال: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]؛ فذكَرَ عَظَمةَ ذاتِهِ؛ لتَدُلَّ على عَظَمةِ قَدْرِه، ثمَّ نزَّه نَفْسَه سبحانه عن شِركِ الذين لم يَقدُرُوه حقَّ قَدْرِه؛ فقال: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [الزمر: ٦٧].
وجعَلَ التفكُّرَ في المَلَكوتِ مُوجِبًا لتنزيهِ الله عما يظُنُّه المُبطِلُون وسؤاله النجاةَ مِن عذابِهِ؛ فقال: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: ١٩٠ - ١٩١].
ولمَّا جاء النبيَّ ﷺ أعرابيٌّ، وعظَّمه بما يتضمَّنُ النقصَ في حقِّه تعالي، وتسوِيَتَه بالرسول ﷺ، عرَّفه بآياتِ اللهِ وعَظَمَتِها، وفصَّل فيها؛ ليُدرِكَ الأعرابيُّ ما ضيَّعه مِن حقِّ اللهِ؛ كما رَوَى جُبَيْرُ بن مُطْعِمٍ؛ قال: "أتى رسولَ اللهِ ﷺ أعرابيٌّ، فقال: يا رَسُولَ الله، جَهِدَتِ الأَنْفُسُ، وَضَاعَتِ العِيَالُ، وَنُهِكَتِ الأَمْوَالُ، وَهَلَكَتِ الأَنْعَامُ، فَاسْتَسْقِ اللهَ ﷿ لنا؛ فَإِنَّا نَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى الله، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللهِ عَلَيْكَ! قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: (وَيْحَكَ! أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟ !)، وَسَبَّحَ رَسُولُ اللهِ ﷺ؛ فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِه، ثُمَّ قَالَ: (وَيْحَكَ! إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللهِ عَلَى
1 / 91