91

المدخل

المدخل

Editorial

دار التراث

Número de edición

الأولى

Ubicación del editor

القاهرة

Géneros

Fiqh Maliki
وَعَابَهُ، وَقَالَ: لَيْسَ هَكَذَا كَانَ يَصْنَعُ النَّاسُ وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُنْكِرَ نَقْلَ مَالِكٌ ﵀ عَنْ فِعْلِ السَّلَفِ وَلَا يَرُدُّهُ لِمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ ثِقَتِهِ وَأَمَانَتِهِ فِي نَقْلِهِ عَنْهُمْ. أَمَّا مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ مَذْهَبِهِ، فَهَذَا الَّذِي الْإِنْسَانُ مُخَيَّرٌ فِيهِ إنْ شَاءَ قَلَّدَهُ، وَإِنْ شَاءَ قَلَّدَ غَيْرَهُ. أَمَّا نَقْلُهُ عَنْ السَّلَفِ فَلَيْسَ إلَى مُخَالَفَتِهِ مِنْ سَبِيلٍ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ فِعْلَ السَّلَفِ فَذَلِكَ يُمْكِنُ إنْ كَانَ التَّأْوِيلُ تَقْبَلُهُ أَحْوَالُهُمْ وَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِمَّا اخْتَصَّ بِهِ مَالِكٌ ﵀ لِكَوْنِ مَذْهَبِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْأَخْذِ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إذْ أَنَّ لَفْظَهُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا يَكُونُ عَنْهُ مُخْتَصًّا بِبَلَدِهِ يَقُولُ بِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْت أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا بَلَدُهُ عَلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ عَنْهُ فِي لَفْظِهِ بِذَلِكَ فِي كُتُبِهِ فَلَمَّا أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَهْلَ بَلَدِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَأَيْضًا فَقَدْ نَقَلَ غَيْرُهُ ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ وَلَيْسَ بِبَلَدِهِ، بَلْ بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى أَنَّ الْإِنْكَارَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ عَامٌّ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا. وَهَذَا كُلُّهُ رَاجِعٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ سَبَبَ هَذَا كُلِّهِ التَّقْلِيدُ فِي أُمُورِ الدِّينِ لِمَنْ سَهَا أَوْ غَفَلَ أَوْ غَلِطَ، وَأَنَّ التَّقْلِيدَ إنَّمَا يَكُونُ لِخَيْرِ الْقُرُونِ الَّذِينَ شَهِدَ لَهُمْ صَاحِبُ الْعِصْمَةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ بِالْخَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ ﵀ فِي الْقِرَاءَةِ جَمَاعَةً وَالذِّكْرِ جَمَاعَةً أَنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ ﵀ فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فَلَوْ صَحَّ عِنْدَهُ أَوْ نَقَلَ لَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِهِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ كَيْفَ يُمْكِنُهُ التَّصْرِيحُ بِكَرَاهِيَتِهِ؟ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِيهِ أَوْ يَكْرَهَهُ فَلَمَّا أَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي كَرَاهِيَتِهِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ عَنْهُمْ فِيهِ إلَّا التَّرْكَ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْإِنْكَارَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ «يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَنْ شَغَلَهُ الْقُرْآنُ عَنْ ذِكْرِي وَمَسْأَلَتِي أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ إذَا شَغَلَ عَبْدِي ثَنَاؤُهُ عَلَيَّ أَعْطَيْته أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ» وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ

1 / 96