45

اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية

اللآلي المرجانية في شرح القلائد البرهانية

القول الثاني: تركت المتوفى عنها زوجها في مرض الموت المخوف ولا ترثها إجماعاً بالقرآن من ميراثها وحرماتها منه، وهذا القول مروي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وعن ابن أبي كعب نحوه - رضي الله عنهم أجمعين - وبه قال عروة بن الزبير وشريح والحسن والشعبي والنخعي والثوري وعطاء وابن أبي ليلى - رحمهم الله جميعاً - وهو مذهب الإمام أحمد والشافعي في القديم والإمام مالك وأهل المدينة والإمام أبي حنيفة وأهل العراق وجمهور الفقهاء - رحمهم الله تعالى -.

وقد قضى أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - لما مات عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه زوجته لما ضربت بنت الإبصاع الكلبية، تلقاها ثلاثاً في مرض موته، فغادر عثمان الصحابية - رضي الله عنهم أجمعين - فشاورا عليه ولم يعرف عن أحد من الصحابة في ذلك خلافاً، وإنما ظهر الخلاف في خلافة ابن الزبير - رضي الله عنهما - فإنه قال لو كنت أنا أم زوجها، أو ابن الزبير - رضي الله عنهما - لقد أعدت الإجماع قبل أن يصير من أهل الاجتهاد.

الترجيح

إذا أمنا النظر في هذا الخلاف تبين أن سببه اختلافهم في وجوب إعمال سد الذرائع وذلك أنه إذا كان الطلاق قد وقع في مرض الموت المخوف، ومن لم يجب سد الذرائع وجب وقوع الطلاق لوجودها مراءاً، وذلك أن الطلاق قد وقع فيجب أن يقع بجميع أحكامه، وعلى هذا فإن القول الثاني القاضي بتوريث المتوفى عنها في مرض الموت المخوف، يقصد حرمانها من ميراث سد الذرائع واعتقاد الإجماع قبل الخلاف، فقد صحت عن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قضى به فوردت قاصد بنت الإبصاع الكلبية عند زوجها عبد الرحمن بن عوف، وكان تلقاها في مرض موته، فشاور أحد من الصحابة خلافه، ودامله، كما صح أن أبا سلمة بن عبد الرحمن قال إن أبا طلق أمه وهو مرض فمات فورثته بعد القضاء، عتبها والله تعالى أعلم وأحكم.

وعلى هذا الترجيح فقد اختلف الفقهاء في المتوفى عنها في مرض الموت المخوف فرأى من ميراثها على أقوال ثلاثة وهي:

القول الأول: تركت المتوفى عنها زوجها الذي بانت طلاقها في مرض الموت المخوف فأخذت منه حرمانها من الميراث ما دامت في العدة، لأن المدة بعض أحكام الزوجية، وكأنهم شبهوا بالمرجعة، وهذا مروي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وبه قالت أم المؤمنين

45