118

Al-Kharaj

الخراج

Investigador

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Editorial

المكتبة الأزهرية للتراث

Número de edición

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Año de publicación

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

بَيْتِ الْمَالِ؛ فَإِنْ أَرَادَ ظُلْمَ أحد من أهل الْخَرَاجِ أَوْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ أَوْ تَحْمِيلَهُ شَيْئًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَنَعَهُ الأَمِيرُ مِنْ ذَلِكَ أَشَدَّ الْمَنْعِ.
وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَعْلَى عَيْنًا بِمَا رَأَى مِنْ ذَلِكَ وَمَا رَأَى أَنَّهُ أَصْلَحُ لأَهْلِ الْخَرَاجِ وَأَوْفَرُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ عَمَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقَبَّالَةِ وَالْوِلايَةِ بَعْدَ الأَعْذَارِ وَالتَّقَدُّمِ إِلَى الْمُتَقَبِّلِ وَالْوَالِي بِرَفْعِ الظُّلْمِ عَنِ الرَّعِيَّةِ وَالْوَعِيدِ لَهُ إِنْ حَمَّلَهُمْ مَا لَا طَاقَةَ لَهُمْ بِهِ، أَوْ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ؛ فَإِنْ فَعَلَ وفوا لَهُ بِمَا أُوعِدَ بِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ زَاجِرًا وَنَاهِيًا لِغَيْرِهِ إِنْ شَاءَ الله.
شُرُوط فِيمَن يتَوَلَّى مَال الْمُسلمين:
وَرَأَيْتُ "أَبْقَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ" أَنْ تَتَّخِذَ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الصَّلاحِ وَالدِّينِ وَالأَمَانَةِ فَتُوَلِّيَهُمُ الْخَرَاجَ. وَمَنْ وَلَّيْتَ مِنْهُمْ فَلْيَكُنْ فَقِيهًا عَالِمًا مُشَاوِرًا لأَهْلِ الرَّأْيِ عَفِيفًا، لَا يَطَّلِعَ النَّاسُ مِنْهُ عَلَى عَوْرَةٍ وَلا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ، مَا حَفِظَ مِنْ حَقٍّ وَأَدَّى مِنْ أَمَانَةٍ احْتَسَبَ بِهِ الْجَنَّةَ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ خَافَ عُقُوبَةَ اللَّهِ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، تَجُوزُ شَهَادَتُهُ إِنْ شَهِدَ، وَلا يُخَافُ مِنْهُ جَوْرٌ فِي حُكْمٍ إِنْ حَكَمَ؛ فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُوَلِّيهِ جِبَايَةَ الأَمْوَالِ وَأَخْذَهَا مِنْ حِلِّهِا وَتَجَنُّبَ مَا حرم مِنْهَا، يرفع مِنْ ذَلِكَ مَا يَشَاءُ وَيَحْتَجِنُ مِنْهُ مَا يَشَاءُ.
فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَدْلا ثِقَةً أَمِينًا فَلا يُؤْتَمَنُ عَلَى الأَمْوَالِ. إِنِّي قَدْ أَرَاهُمْ لَا يَحْتَاطُونَ فِيمَنْ يُوَلُّونَ الْخَرَاجَ، إِذَا لَزِمَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ بَابَ أَحَدِهِمْ أَيَّامًا وَلاهُ رِقَابَ الْمُسْلِمِينَ وَجِبَايَةَ خَرَاجِهِمْ وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَرَفَهُ بِسَلامَةِ نَاحِيَةٍ وَلا بِعَفَافٍ وَلا بِاسْتِقَامَةِ طَرِيقَةٍ وَلا بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَدْ يَجِبُ الاحْتِيَاطُ فِيمَنْ يُوَلَّى شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْخَرَاجِ وَالْبَحْثِ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ وَالسُّؤَال عَن طرائقهم، كَمَا يَجِبُ ذَلِكَ فِيمَنْ أُرِيَد لِلْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ.
وَتُقَدِّمَ إِلَى مَنْ وليت لَا يَكُونَ عَسُوفًا لأَهْلِ عَمَلِهِ وَلَا محتقرا لَهُم وَلَا متسخفا بِهِمْ؛ وَلَكِنْ يَلْبَسُ لَهُمْ جِلْبَابًا من اللَّبن يَشُوبُهُ بِطَرَفٍ مِنَ الشِّدَّةِ وَالاسْتِقْصَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَظْلِمُوا أَوْ يَحْمِلُوا مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ. وَاللَّبن لِلْمُسْلِمِ. وَالْغِلْظَةُ عَلَى الْفَاجِرِ، وَالْعَدْلُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَإِنْصَافُ الْمَظْلُومِ، وَالشِّدَّةُ عَلَى الظَّالِمِ وَالْعَفْوُ عَنِ النَّاسِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ. وَأَنْ تَكُونَ جِبَايَتُهُ لِلْخَرَاجِ كَمَا يُرْسَمُ لَهُ، وَتَرْكُ الابْتِدَاعِ فِيمَا يُعَامِلُهُمْ بِهِ، وَالْمُسَاوَاةُ بَيْنَهُمْ فِي مَجْلِسه وَوجه حَتَّى يَكُونَ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ عِنْدَهُ فِي الْحَقِّ سَوَاءٌ، وَتَرْكُ اتِّبَاعِ الْهَوَى؛ فَإِنَّ اللَّهَ مَيَّزَ مَنِ اتَّقَاهُ وَآثَرَ طَاعَتَهُ وَأَمَّرَهُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمَا.
وَإِنِّي لأَرْجُو إِنْ أَمَرْتَ بِذَلِكَ وَعَلِمَ الله من قبلك إِيثَارُكَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ يدل مِنْهُ

1 / 120