Al-Kharaj
الخراج
Investigador
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Editorial
المكتبة الأزهرية للتراث
Número de edición
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Año de publicación
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: فِي الْكَلأِ وَالْمُرُوجِ
قَالَ أَبُو يُوسُف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ قَرْيَةٍ لَهُمْ مُرُوجٌ يَرْعَوْنَ فهيا وَيَحْتَطِبُونَ مِنْهَا قَدْ عُرِفَ أَنَّهَا لَهُم فَهِيَ لَهُم عَلَى حَالِهَا يَتَبَايَعُونَهَا وَيَتَوَارَثُونَهَا وَيُحْدِثُونَ فِيهَا مَا يُحْدِثُ الرَّجُلُ فِي مِلْكِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا الْكَلأَ وَلا الْمَاءَ، وَلأَصْحَابِ الْمَوَاشِيَ أَنْ يَرْعَوْا فِي تِلْكَ الْمُرُوجِ ويستقوا من تِلْكَ الْمِيَاه. ولايجوز لأَحَدٍ أَنْ يَسُوقَ ذَلِكَ الْمَاءَ إِلَى مَزْرَعَةٍ لَهُ إِلا بِرِضًى مِنْ أَهْلِهِ وَلَيْسَ شُرْبُ الْمَوَاشِي والشقة كَسَقْيِ الْحَرْثِ لِمَا قَدْ ذَكَرْتُهُ لكز وَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ مَرْجًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، وَلا يَتَّخِذَ فِيهِ نَهْرًا وَلا بِئْرًا وَلا مزرعة إِلَّا بِإِذن صَاحبه، ولصاحبه أَنْ يُحْدِثَ ذَلِكَ كُلِّهِ. فَإِذَا أَحْدَثَهُ لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَزْرَعَ فِيمَا زَرَعَ وَلا يَحْتَجِرَهُ، وَإِذَا كَانَ مَرْجًا فَصَاحِبُهُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاء مشتركون فِي كلئه ومائه.
الْفرق بَين الآجام والمروج ١:
قَالَ: وَلَيْسَتِ الآجَامُ كَالْمُرُوجِ، لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَطِبَ مِنْ أَجَمَةِ أَحَدٍ إِلا بِإِذْنِهِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ، وَإِنْ صَادَ فِيهَا شَيْئًا مِنَ السَّمَكِ أَوِ الطَّيْرِ فَهُوَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَبَّ الأَجَمَةِ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ، أَلا تَرَى أَنّ رَجُلا لَوْ صَادَ فِي دَار رجل أَو بتسانه شَيْئًا مِنَ الْوَحْشِ أَوِ الطَّيْرِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ. وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الدَّارِ مِلْكٌ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ دُخُولِ دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَقَدْ أَسَاءَ، وَمَا صَاد لَهو لَهُ أَيْضا، وَإِذَا كَانَ السَّمَكُ قَدْ حُظِرَ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُؤْخَذُ إِلا بِصَيْدٍ فَالْمَحْظُورُ عَلَيْهِ وَغَيْرُ الْمَحْظُورِ سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُصَادَ، وَإِنْ كَانَ يؤخ بِالْيَدِ بِغَيْرِ صَيْدٍ فَهُوَ لِصَاحِبِهِ الَّذِي حَظَرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَادَهُ غَيْرُهُ ضَمِنَ الَّذِي يَصِيدَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ فَإِنَّ بَيْعَهُ هَذِا بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ مَا أَحْرَزَهُ فِي إِنَائِهِ.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ بَقَرٍ رَعَى بَقَرَهُ فِي أَجَمَةِ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَضَمِنَ مَا رَعَى وَأَفْسَدَ، أَلا تَرَى أَنِّي أَبِيعُ قَصَبَ الأَجَمَةِ وَأَدْفَعُهَا مُعَامَلَةً فِي قَصَبِهَا؟ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أبي طَالب رَضِي الله تعمالى عَنْهُ عَامَلَ أَهْلَ أَجَمَةِ بُرْسٍ عَلَى أَرْبَعَةِ آلافِ دِرْهَمٍ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا فِي قِطْعَةِ أَدِيمٍ. وَالْكَلأُ لَا يُبَاعُ وَلا يَدْفَعُ مُعَامَلَةً.
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لأَهْلِ هَذِه الْقرْيَة الَّذين يكون لَهُمْ هَذِهِ الْمُرُوجُ وَفِي مِلْكِهِمْ مَوْضِعَ مَسْرَحٍ وَمَرْعًى لِدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ غَيْرُ هَذِهِ الْمُرُوجِ، كَمَا لأَهْلِ كُلِّ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى السَّهْلِ وَالْجَبَلِ فَإِنَّ لِكُلِّ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى السَّهْلِ وَالْجَبَلِ مَوْضِعُ مَسْرَحٍ وَمَرْعًى وَمُحْتَطَبٍ فِي أَيْدِيهِمْ وَيُنْسَبُ إِلَيْهِم وترعى فيهم مَوَاشِيهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَيَحْتَطِبُونَ مِنْهُ، وَكَانُوا مَتى أذنوا للنَّاس فِي
_________
١ الأجمة: الشّجر الْكثير الملتف، والمرج: الأَرْض الواسعة ذَات نَبَات ومرعى للدواب.
1 / 116