Al-Kawkab al-Wahhaj Sharh Sahih Muslim ibn al-Hajjaj
الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج
Editorial
دار المنهاج
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
Ubicación del editor
دار طوق النجاة
Géneros
شرح صحيح مسلم
المسمَّى
الكوكب الوهَّاج والرَّوض البَهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج
جمع وتأليف
محمد الأمين بن عبد الله الأُرمي
العلوي الهَرَري الشافعي
نزيل مكة المكرمة والمجاور بها
مراجعة لجنة من العلماء
برئاسة
البرفسور هاشم محمد علي مهدي
المستشار برابطة العالم الإسلامي - مكة المكرمة
المقدمة
الجزء الأول
دار المنهاج
دار طوق النجاة
1 / 1
الطبعة الأولى
١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م
جميع الحقوق محفوظة للناشر
لا يسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه، وبأيِّ شكلٍ من الأشكال، أو نسخه، أو حفظه في أي نظام إلكتروني أو ميكانيكي يمكِّن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه، وكذلك لا يسمح بالاقتباس منه أو ترجمته إلى أي لغة أخرى دون الحصول على إذن خطي مسبقًا من الناشر
دار المنهاج للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية- جدة
حي الكندرة- شارع أبها تقاطع شارع ابن زيدون
هاتف رئيسي ٦٣٢٦٦٦٦ - الإدارة ٦٣٠٠٦٥٥
المكتبة ٦٣٢٢٤٧١ - فاكس ٦٣٢٠٣٩٢
ص. ب ٢٢٩٤٣ - جدة ٢١٤١٦
هاتف المؤلف ٠٥٦٢٠٠٩١٨٨
ISBN ٩٧٨ - ٩٩٥٣ - ٤٩٨ - ٣٦ - ٢
WWW.alminhaj.com
E-mail: info@alminhaj.com
1 / 2
شرح صحيح مسلم
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 4
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم
الحمد لله الذي بعث في الأميين رسولًا، واصطفاه من بين خلقه حبيبًا وخليلًا، وأنزل عليه الكتاب والحكمة ليكون للعالمين ضياءً ودليلًا، وجعل اتباع أمره والتخلق بأخلاقه ﷺ لمرضاته ﷿ طريقًا وسبيلًا، وأفضل الصلاة وأتم السلام تتواليان أبدًا سرمدًا على أشرف خلق الله وخاتم رسل الله؛ سيدنا وحبيبنا وشفيعنا ومعلمنا محمد بن عبد الله، وعلى آله المطهرين، وأصحابه الغر الميامين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فإن خير ما بيِّن به كلام ربنا الكريم، وفسر به نظم القرآن العظيم، حديث سيدنا رسول الله الصادق الوعد الأمين، صلوات الله وسلامه عليه، الذي نقله لنا صحابته الأكرمون، فالتزموا وألزموا من بعدهم الاعتناء بهذا الكنز الثمين؛ لما في ذلك من خدمة لهذا الدين العظيم.
وقد قيض الله بمنِّه وكرمه لخدمة السنة رجالًا أفذاذًا فحولًا، قاموا بحفظها وضبطها وحملها وروايتها وشرحها ودرايتها ونقلها على أتم وجه عن سيد الأنبياء ﷺ، حتى صارت ميسرة محفوظة، ومفسرة محظوظة.
وما ذلك إلا لبشرى النبي الكريم ﷺ ودعائه لهم حيث قال: "نضَّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها"، وقوله ﷺ: "يحمل هذا العلم من كل خلَف عدولُه، ينفون عنه تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين".
ومن أهم ما اعتنى به علماء السنة المطهرة: "صحيحَا البخاري ومسلم" ﵄ وأجزل الأجر لهما، ولقد حظيا بالنصيب الأوفر، والقسط الأزخر، وقد أكرمنا الله ﷿ بنشر الطبعة اليونينية الأميرية لـ "صحيح الإمام البخاري" رحمه الله تعالى في طبعة مصححة مرقمة منقحة قيمة، فخرجت في أربع مجلدات.
وأما كتاب الإمام مسلم تلميذ الإمام البخاري .. فكانت العناية به بعد فراغنا من العناية بسالفه، ومن توفيق الله تعالى بروز هذا الشرح الموسَّع له الذي يعدُّ موسوعة
1 / 5
في العلوم الحديثية، إذ هو لعالم جليل، وجهبذ ليس له بديل، بقر بطون الكتب سالكًا في ذلك طريق السلف الأولين، فقطع مفاوز الطلب حتى وصل إلى بحار العلم، وغاص في لججها، واستخرج دررها، وحَسْبُ من يقرأ في هذا الكتاب الثمين أن يرشف من هذا البحر رشفات، فتزيده ظمأ لإكمال هذا السفر الجليل؛ فإن مؤلفه -متع الله به- جمع فيه ما استطاع من خلاصة كتب السابقين، وزينه بدرر وفرائد تدل على مكانته العلمية الرفيعة، فجاء كحسناء تتيه بقدها المياد، ولا تأبه بأعين الحساد، وصار جديرًا بما أسماه به مؤلفه: "الكوكب الوهاج والروض البهاج"؛ فإنه كوكب يتوهج في سماء تلك الشروح، وروض يبهج قلوب طلبة هذا العلم الشريف؛ لما فيه من ورود وأزهار يفوح شذاها على من ينتشق ذلك الأريج.
وختامًا: نرجو من الله تعالى أن يتقبل منا ذلك لوجهه الكريم، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وكتبه
البرفسور هاشم محمد علي مهدي
المستشار برابطة العالم الإسلامي- مكة المكرمة
1 / 6
ترجمة الشارح
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإِني أريد أن أجمع بعض التراجم للشيخ محمد أمين بن عبد الله الهرري، نزيل مكة المكرمة، المدرس في دار الحديث الخيرية في القسم العالي من هذه الدار، وكان مدرسًا في الحرم الشريف نحو ثمان سنوات قبل أن يتفرغ للتأليف.
اسمه:
هو محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن، أبو ياسين الأرمي (١) جنسًا، العلوي قبيلة، الإِثيوبي دولة، الهرري منطقة، الكرِّي ناحيةً، البُوَيطِي قرية، السلفي عقيدة الشافعي مذهبًا، السعودي إِقامة، نزيل مكة المكرمة، جوار الحرم الشريف في المسفلة حارة الرشد سابقًا، وبحيِّ الزاهر الآن.
مولده:
ولد في الحبشة في منطقة الهرر في قرية بويطة، في عصر يوم الجمعة أواخر شهر ذي الحجة سنة (١٣٤٨) من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأزكى التحيات.
نشأته:
تربَّى بيدِ والده، وهو يتيم عن أمه، ووضعه عند المعلم وهو ابن أربع سنين، وتعلم القرآن وختمه وهو ابن ست سِنين، ثم حوَّله إِلى مدارس علوم التوحيد والفقه، وحفظ من توحيد الأشاعرة "عقيدة العوام" للشيخ أحمد المرزوقي، و"الصغرى"
_________
(١) الأرمي: نسبة إِلى شعب أُرمُو، وهي أكثر مَن في الحبشة بنسبة ٨٥%، العلويُّ: نسبة إِلى عليِّ بن قَلْعو بن هُنْبَنَّا بن أرمو، أبو قبيلةٍ كبيرةٍ.
1 / 7
و"صغرى الصغرى" و"الكبرى" و"كبرى الكبرى" للشيخ محمد السنوسي؛ لأن أهل الحبشة كانوا وَقْتَئذ من الأشاعرة.
وحفظ من مختصرات فقه الشافعية كثيرًا كـ" مختصر بافضل الحضرمي"، و"مختصر أبي شجاع" مع "كفاية الأخيار"، و"عمدة السالك" لأحمد بن النقيب، و"زبد أحمد رسلان" ألفية في فقه الشافعية، وقرأ "المنهاج" للإِمام النووي مع شرح "مغني المحتاج"، و"المنهج" لشيخ الإِسلام الأنصاري مع شرحه "فتح الوهاب"، وقرأ كثيرًا من مختصرات فقه الشافعية ومبسوطاتها على مشايخ عديدة من مشايخ بلدانه.
رحلته:
ثم رحل إِلى سيبويه زمانه وفريد أوانه أبي محمد الشيخ موسى بن محمد الأديلي (١)، وبدأ عنده دراسة الفقه، بدأ بـ "شرح جلال الدين المحلي" على "منهاج النووي"، ثم بعد ما وصل إِلى (كتاب السلم) .. حوله شيخه المذكور -رحمه الله تعالى- إِلى دراسة النحو؛ لما رأى فيه من النجابة والاجتهاد في العلم، فقرأ عليه مختصرات النحو كـ"متن الآجرومية" وشروحها العديدة، و"متن الأزهرية"، و"ملحة الإِعراب" مع شرحه "كشف النقاب" لعبد الله الفاكهي، و"قطر الندى" مع شرحه "مجيب الندا" لعبد الله الفاكهي، وقرأ "الألفية" لابن مالك مع شروحها العديدة كـ"شرح ابن عقيل"، و"شرح المكودي"، و"شرح السيوطي".
ثم اشتغل بكتب الصرف والبلاغة والعروض والمنطق والمقولات والوضع واجتهد فيها، وحفظ "ألفية ابن مالك" و"ملحة الإِعراب" و"لامية الأفعال" و"السلم" في المنطق، و"الجوهر المكنون" في البلاغة.
وكان لا ينام كل ليلة حتى يختم القصائد المذكورة حفظًا، وكان قليل النوم في صغره إِلى كبره، حتى كان لا ينام غالبًا بعد ما كبر إِلا أربع ساعات من أربع وعشرين ساعة؛ لكثرة اجتهاده في مذاكرة العلم، وكان يدرس هذه الفنون جنب حلقة شيخه مع دراسته على الشيخ المذكور.
_________
(١) الأدَّيليِّ: بفتح الهمزة وتشديد الدال المفتوحة: نسبة إِلى أدَّيْلَ من أعمال دِرْدوا.
1 / 8
ثم رحل من عنده بعد ما لازمه نحو سبع سنوات إِلى شيخه خليل زمانه وحبيب عصره وأوانه الشيخ محمد مديد الأديلي أيضًا، فقرأ عنده مطولات كتب النحو كـ "مجيب الندا على قطر الندى" و"مغني اللبيب" كلاهما لابن هشام، و"الفواكه الجنية على المتممة الآجرومية" وغير ذلك من مطولات علم النحو، وكان يدرس أيضًا جنب حلقة شيخه وقرأ عليه أيضًا التفسير إِلى سورة (يس).
ثم رحل من عنده بعد ما لازمه ثلاث سنوات إِلى شيخه الشيخ الحاوي المفسر في زمانه الشيخ إِبراهيم بن ياسين المَاجَتِيِّ (١)، فقرأ عليه التفسير بتمامه، والعروض من مختصراته ومطولاته كـ "حاشية الدمنهوري على متن الكافي"، و"شرح شيخ الإِسلام الأنصاري على المنظومة الخزرجية"، و"شرح الصبان على منظومته في العروض"، وقرأ عليه أيضًا مطولات المنطق والبلاغة، ولازمه نحو ثلاث سنوات.
ثم رحل من عنده إِلى الشيخ الفقيه الشيخ يوسف بن عثمان الوَرْقِي (٢)، وقرأ عليه مطولات علم الفقه كـ "شرح الجلال المحلي على المنهاج"، و"فتح الوهاب على المنهج" لشيخ الإِسلام مع "حاشيته" لسليمان البُجَيرِمي و"حاشيته" لسليمان الجمل، و"حاشية التوشيح على متن أبي شجاع"، و"مغني المحتاج" للشيخ الخطيب إِلى (كتاب الفرائض)، وقرأ عليه غير ذلك من كتب الفرائض كـ "حواشي الرحبية"، و"الفُرَاتِ الفائض في فَنِّ الفرائض" -هو كتاب جيد من مطولاتها- ولازمه نحو أربع سنوات.
ثم رحل من عنده إِلى الشيخ إِبراهيم المُجِّي (٣)، فقرأ عليه "فتح الجواد" لابن حجر الهيتمي على "متن الإِرشاد" لابن المقرئ الجزءين الأولين منه.
ثم رحل من عنده إِلى شيخ المحدثين الحافظ الفقيه الشيخ أحمد بن إِبراهيم الكَرِّي، وقرأ عليه "البخاري" بتمامه، و"صحيح الإِمام مسلم" وبعض كتب الاصطلاح.
ثم رحل من عنده إِلى مشايخ عديدة، وقرأ عليهم السنن الأربعة، والموطأ، وغير ذلك من كتب الحديث مما يطول بذكره الكلام.
_________
(١) المَاجَتِيِّ: نسبة إِلى ماجة من بلاد وَلَّو.
(٢) الورقي: نسبة إِلى وَرْقَةَ من أعمال مدينة هرر.
(٣) المُجِّي: نسبة إِلى قبيلة من قبائل نُولَى.
1 / 9
ثم رحل من عندهم إِلى الشيخ عبد الله نُورَوْ القَرْسِي (١)، فقرأ عليه مطولات كتب البلاغة كـ "شروح التلخيص" لسعد الدين التفتازاني وغيره، ومطولات كتب أصول الفقه كـ "شرح جمع الجوامع" لجلال الدين المحلي، وقرأ عليه من النحو "حاشية الخضري على ابن عقيل".
وقرأ على غير هؤلاء المشايخ كتبًا عديدة من فنون متنوعة مما يطول الكلام بذكره من كتب السيرة وكتب الأمداح النبوية كـ "بانت سعاد" و"همزية البوصيري" و"بردته" و"القصيدة الوترية" و"الطرَّاف والطرائف" و"إِضاءة الدُّجُنَّة "-ألفية في كتب الأشاعرة- وغير ذلك مما يطول الكلام بذكره.
وكان يدرِّس مع دراسته جنب حلقة مشايخه ما درس عليهم من أربع عشرة سنة من عمره، ثم استجاز من مشايخه هؤلاء كلهم التدريس استقلالًا فيما درس عليهم فأجازوا له، فبدأ التدريس استقلالًا في جميع الفنون في أوائل سنة ألف وثلاثمائة وثلاث وسبعين في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول من الهجرة النبوية، فاجتمع عنده خلق كثير من طلاب كل الفنون زهاء ستمائة طالب أو سبعمائة طالب.
وكان يدرِّس من صلاة الفجر إِلى صلاةِ العشاء الآخرة نحو سبع وعشرين حِصَّة من حصص الفنون المتنوعة، وكان يحيي ليله دائمًا بكتابةِ التآليف، وبما قدر الله له من طاعاته.
مؤلفاته:
مؤلفاته كثيرة من كل الفنون حتى أوشكت ألا تحصى، المطبوع المنتشر منها اثنا عشر كتابًا:
١ - الباكورة الجنية في إِعراب متن الآجرومية.
٢ - الفتوحات القيومية في علل وضوابط متن الآجرومية.
٣ - الدرر البهية في إِعراب أمثلة الآجرومية.
٤ - جواهر التعليمات شرح على التقريظات ومقدمة علم النحو.
٥ - هَديّة أولي العلم والإِنصاف في إِعراب المنادى المضاف.
_________
(١) القرسي: نسبة إِلى فَرسا ناحية من أعمال دردوا.
1 / 10
ومن الصرف:
٦ - مناهل الرجال على لامية الأفعال.
٧ - تحنيك الأطفال على لامية الأفعال.
أيضًا ومن المصطلح:
٨ - الباكورة الجنية على منظومة البيقونية.
٩ - هداية الطالب المعدم على ديباجة صحيح مسلم.
١٠ - خلاصة القول المفهم على تراجم رجال صحيح مسلم (مجلدان).
ومن كتب الأسماء والصفات:
١١ - هدية الأذكياء على طيبة الأسماء في توحيد الأسماء والصفات.
ومن التفسير:
٢ ١ - حدائق الرَّوْحِ والريحان في روابي علوم القرآن (ثلاثة وثلاثون مجلدًا، جمع فيه سبعة فنون بل ثمانية بل تسعة، لم يُسبق له نظيرٌ من كتب التفسير).
وغير المطبوع منها من الفنون المتنوعة:
من النحو:
٣ ١ - رفع الحجاب عن مُخَيَّمَات كشف النقاب حاشية على كشف النقاب على ملحة الإِعراب.
١٤ - هدية الطُّلاب في إِعراب ملحة الإِعراب.
١٥ - الصور العقلية على تراجم الألفية ومشكلاتها لابن مالك.
١٦ - التقريرات على حاشية الخَضِري على الألفية.
١٧ - المطالب السنية حاشية على الفواكه الجنية على متممة الآجرومية.
١٨ - التقريرات على مجيب النِّدا على قطر الندى كلاهما لعبد الله الفاكهي.
ومن البلاغة:
١٩ - الدرُّ المصون على الجوهر المكنون لعبد الرحمن الأخضري.
٢٠ - التقريرات على مختصر سعد الدين على تلخيص المفتاح.
1 / 11
ومن المنطق:
٢١ - الكنز المُكَتَّمُ على متن السلم للأخضري.
٢٢ - التذهيب على متن التهذيب في المنطق.
ومن العروض:
٢٣ - الفتوحات الربانية على منظومة الخزرجية في العروض.
٢٤ - التبيان على منظومة الصبان في العروض.
ومن الحديث:
٢٥ - النهر الجاري على تراجم البخاري ومشكلاته.
٢٦ - رفعُ الصدود على سنن أبي داود على الربع الأول منه لم يكمل.
ومن الأصول:
٢٧ - التقريرات على شرح المحلي على جمع الجوامع في الأصول.
ومن الفقه:
٢٨ - سلم المعراج على مقدمة المنهاج.
٢٩ - التقريرات على شرح المحلي وحاشيتي القليوبي وعميرة على المنهاج في فقه الشافعية.
٣٠ - الإمداد من رب العباد حاشية على فتح الجواد على متن الإِرشاد في فقه الشافعية.
٣١ - أضوأ المسالك على عمدة الناسك لأحمد بن النقيب.
٣٢ - التقريرات على التوشيح على غاية الاختصار.
٣٣ - التقريرات على فتح الوهاب مع حاشية التجريد لسليمان البجيرمي.
٣٤ - التقريرات على قصيدة زبد أحمد بن رسلان.
ومن المدائح النبوية والسيرة المرضية:
٣٥ - نيل المراد على متن بانت سعاد لكعب بن زهير الصحابي الجليل ﵁.
٣٦ - البيان الصريح على بردة المديح للبوصيري.
٣٧ - البيان الظريف على العنوان الشريف.
1 / 12
٣٨ - المقاصد السنية على القصائد البرعية.
٣٩ - التقريرات على همزية البوصيري.
ومنها في المصطلح:
٤٠ - جوهرة الدرر على ألفية الأثر لعبد الرحمن السيوطي.
ومنها في التوحيد:
٤١ - فتح الملك العلام في عقائد أهل الإِسلام على ضوء الكتاب والسنة.
٤٢ - نُزُلُ كِرَامِ الضيفان مقدمة حدائق الرَّوْح والرَّيحان.
ومنها:
٤٣ - مجمع الأسانيد ومظفر المقاصِدْ في أسانيدِ كل الفنون (يحتوي على أسانيد أربعمائة وخمسة وثمانين كتابًا) مطبوع.
ومنها:
٤٤ - نزهة الألباب وبشرة الأحباب على ملحة الإِعراب (مجلد ضخم على نحو أربعمائة صفحة) مطبوع.
ومنها:
٤٥ - الكوكب الوهاج والروض البهَّاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، وهو الذي بين أيدينا الآن.
ومنها:
٤٦ - مُرْشِدُ ذوي الحجا والحاجة على سنن ابن ماجه.
ومنها:
٤٧ - المقاصد الوفية في جمع ما وقع في مسلم من الأسانيد الرباعية.
ومنها:
٤٨ - الجُهيريات في جمع الثمينيات.
ومنها:
٤٩ - البُويطيات في جمع التسيعيّات.
1 / 13
ومنها:
٥٠ - بحيرة السَّيحون على الجوهر المكنون.
ومنها:
٥١ - التقريرات على حاشية الصبان في المنطق.
ومنها:
٥٢ - التقريرات على حاشية البيجوري في المنطق.
ومنها:
٥٣ - التقريرات على البيجوري على متن السمرقندي في الاستعارة.
ومنها:
٥٤ - التقريرات على بلوغ المرام في تقاسيم الأحاديث وتفاصيلها على التراجم.
ومنها:
٥٥ - التقريرات على حاشية المخلوف على الجوهر المكنون في البلاغة.
ومنها:
٥٦ - التقريرات على شرح شيخ الإسلام وشرح الدمامينيّ، وكلاهما على المنظومة الخزرجية في العروض.
ومنها:
٥٧ - التقريرات على المقدمة الحضرمية الكبيرة، المسماة بـ "بافضل".
ومنها:
٥٨ - شرح المقدمة الحضرمية الصغيرة المسمى بـ "التبصير على المختصر الصغير".
ومنها:
٥٩ - التقريرات على حاشية أبي النجا على الأجرومية.
ومنها:
٦٠ - التقريرات على حاشية العطار على الأزهرية.
1 / 14
ومنها:
٦١ - كتاب التقريرات على جمع ما وقع في فقه الشافعية من الصور. مجلد ضخم.
ومنها:
٦٢ - التقريرات على بعض ابن ماجه ... إلى غير ذلك.
هجرته:
هجرته من الحبشة إِلى هذه المملكة السعيدة كانت في تاريخ سنة ثمان وتسعين بعد ألف وثلاثمائة كما أرخه بقوله:
هاجرت في ثمان وتسعين ... من بعد ألف وثلاثِ مِئِينْ
وكان سبب هجرته: اتفاق الشيوعيين على قتله حين أسَّس في منطقته الجبهة الإِسلامية الأروميَّة، وجاهد بهم، وأوقع في الشيوعيين قتلًا ذريعًا، وحاصروه لقتله، وخرج من بين أيديهم بعصمة الله تعالى.
وكان -بعد ما دخل هذه المملكة وحصل على النظام- مدرسًا في دار الحديث الخيرية من بداية سنة ألف وأربعمائة، وكان أيضًا مدرسًا في المسجد الحرام ليلًا نحو ثمان سنوات بإِذن رئاسة شؤون الحرمين.
وله أسانيد عديدة من مشايخ كثيرة في جميع الفنون، خصوصًا في التفسير والأمهات الست، فسبحان المنفرد بالكمال، والله ﷾ أعلم.
ولقد أجزتُ لِحامل هذه الترجمة في الرواية عني جميعَ مروياتي من كل الفنون وجميع مؤلفاتي كذلك إِجازة عامة، وأوصيه وإِياي بتقوى الله تعالى في السر والعلن وصالحِ الدعوة لي في الحياة وبعد الممات، للأخ الفاضل.
وعلى هذا جرى التوقيع من المجيز والختم منه.
1 / 15
الكوكب الوهاج والروض البهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج
ألَّفه وجَمَعه: محمد الأمين بن عبد الله الهرري ثم المكي، نزيل مكة المكرمة جوارَ الحرم الشريف في المسفلة، المدرّس في دار الحديث الخيرية نحوَ إحدى وثلاثين سنة وحاليًا، غفر الله سبحانه له ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات. آمين
ولقد أجاد مَن قال في مدح كتب الحديث:
لنا جلساء لا يُمَلُّ حديثُهُم ... أَلِبَّاءُ مأمونون غيبًا ومشهدا
إِذا ما خَلَونا كان خيرُ حديثهم ... معينًا على نَفْيِ الهُمومِ مؤيِّدا
يُفيدُوننا مِن عندهم عِلْمَ مَن مضى ... وعقلًا وتأديبًا ورأيًا مسدَّدا
فلا رِيبة تُخْشى ولا سُوءَ عِشرة ... ولا نَتَّقِي منهم لسانًا ولا يدا
فإنْ قلْتَ أموات فلسْتَ بكاذب ... وإِن قلتَ أحياء فلستَ مُفنّدا
***
1 / 17
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَبهِ نستعين
خطبة الكتاب
الحمدُ للهِ الذي شَرَحَ صُدُورَ أوليائِهِ بمعارفِ أحاديثِ خيرِ أنبيائه، ورَوَّحَ بسماعها أرواحَ أهلِ ودادهِ وأصفيائِه، فسَرَّحَ سرائِرَهم في رِياضِ روضةِ قُدْسِهِ وثنائِهِ، أحمدُهُ على ما تَفَضَّلَ من توفيقِهِ وإِرشادهِ، وأَسْدَى إِلينا من آلائهِ ونعمائهِ، وأشكرُهُ على فَضْلهِ المتواترِ، وطَوْلهِ الكاملِ الوافر، وأسألهُ المزيدَ من عطائِهِ، وكشفَ حِجَابه وغِطائِه.
وأشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ الواحدُ الفَرْدُ الصَّمَد، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ، ولم يكن له في ذاتهِ وصفاتِه كُفُوًا أَحَد، الْمُنْفَرِدُ في صَمَدَانِيَّتِهِ بعِزِّ كبريائهِ، وَاصِلُ مَنْ تَبَتَّلَ إِليهِ إِلى حضرةِ قُرْبِهِ وولائِهِ، وساقي علومِ معارفهِ وأسرارِهِ قلوبَ أوليائهِ وأصفيائِهِ، ومُدْرِجُ أهلِ مُرَاقَبَتهِ ومُشَاهَدَتِه في سلسلةِ خاصَّتهِ وأَحبَّائِه.
وأشهدُ أَنَّ سَيِّدنَا مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسولهُ، المُرْسَلُ بصحيحِ القولِ وحَسَنِه إِلى كافَّةِ خَلْقِهِ من إِنْسِهِ وجِنِّهِ، رحمةً لأهلِ أرضهِ وسمائِه، الآمِرُ بالحقّ المشروعِ، والناهي عن المُخْتَلَقِ الموضوعِ، الماحي للوثنيَّةِ الموضوعة، بِبَوارقِ سُيوفهِ الخاطفة، وشُموسِ أنوارهِ الساطعة، فأشرقتْ مشكاةُ مصابيح الجامعِ الصحيحِ مِن أنوارِ شريعتهِ وأَنْبَائِهِ، صلَّى اللهُ -سبحانه- وسَلَّمَ عليهِ وعلى آَلهِ وأصحابهِ وخُلفائِه، وعلى كُلِّ مُتَمَسِّكٍ بدِينهِ وشريعتهِ، وداعٍ إِليهِ إِلى يومِ عَرْضِه ولقائِه.
أمَّا بعدُ: فإِنَّ عِلْمَ الأحاديثِ النبويةِ بعدَ الكتابِ العزيزِ أعظمُ العلومِ قَدْرًا، وأرقاها شَرَفًا وفَخْرًا، إِذْ عليهِ مَبْنَى قواعدِ أحكامِ الشريعةِ الإِسلاميةِ، وبهِ تظهرُ تفاصيلُ مجملاتِ الآياتِ القرآنيةِ، وكيف لا ومَصْدَرُهُ ممَّنْ لا يَنْطِقُ عَنِ الهَوى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى؟ !
فهوَ المُفَسِّرُ للكتابِ وإِنما ... نَطَقَ النبيُّ لنا به عن ربهِ
ولمَّا قَضَت نتائجُ العقول وأدلَّةُ الشَّرعِ المنقولِ أَنَّ سعادةَ الدَّارَينِ مَنُوطةٌ بمتابعةِ هذا
1 / 19
الرسولِ، وأَنَّ المحبَّةَ الحقيقيةَ باقتفاءِ سبيلهِ واجبةُ الحصولِ .. انْتَهَضَتْ هِمَمُ أعلامِ العلماءِ والسادةِ الفضلاءِ إِلى البحثِ عن آثارهِ: أقوالهِ وأفعالهِ وإِقرارِه، فحَصَّلُوا ذلك ضبطًا وحفظًا، وبَلَّغُوهُ إِلى غيرِهم مُشَافهة ونقلًا، ومَيَّزُوا صحيحَهُ من سقيمِهِ، ومُعْوَجَّهُ من مستقيمِهِ، إِلى أن انتهَى ذلكَ إِلى إِمامَي علماءِ الصحيحِ، المُبَرِّزَينِ في علمِ التعديلِ والتجريحِ: أبي عبد اللهِ مُحَمَّدِ بنِ إِسماعيلَ الجُعْفِيِّ البُخَارِيِّ، وأَبي الحُسَينِ مسلمِ بنِ الحَجَّاجِ القُشَيرِيّ النَّيسابُورِيِّ، فجَمَعَا كتابَيهِمَا على شَرْطِ الصِّحَّةِ، وبَذَلا جُهْدَهُمَا في تَصْفِيَتِهِمَا مِنْ كُلِّ عِلَّةٍ، فتَمَّ لَهُمَا المُرادُ، وانعقدَ الإِجماعُ على تَلْقيبهما باسمِ "الصحيحينِ" (١) أو كاد (٢)، فجزاهما اللهُ تعالى عنِ الإِسلامِ أفضلَ الجزاءِ، ووَفَّاهُما مِنْ أَجْرِ مَن انتفعَ بكتابَيهما أفضلَ الإِجزاءِ.
غيرَ أنه قد ظَهَرَ لكثيرٍ من أئمَّةِ النَّقْلِ وجَهَابِذَةِ النقْدِ أَنَّ لمسلمٍ ولكتابهِ من المَزِيَّةِ
_________
(١) قلتُ: والاسم العلمي لكتاب "صحيح مسلم" كما سمَّاه به مؤلِّفُه هو: "المسند الصحيح المختصر من السُّنَن بنَقْلِ العَدْلِ عن العَدْلِ عن رسول الله ﷺ"، وهذا الاسمُ يَدُلُّ على مضمونِ هذا الكتابِ وأُسُسِهِ التي أُنشئ عليها، وقد ورد هذا الاسم كاملًا عند الحافظ ابن خير الإِشبيلي في "فهرست ما رواه عن شيوخه" (ص ٩٨)، والعلَّامةِ التُّجيبي في "برنامجه" (ص ٨٣) إلَّا أنه قال: إِلى رسول الله ﷺ، وورد اسمه مختصرًا عند غيرهما من الحُفَّاظ، انظر تفصيل ذلك في "تحقيق اسمي الصحيحين" (ص ٣٣ - ٥٢).
(٢) قال الإِمام أبو العباس القرطبي: (وأمَّا انعقادُ الإِجماعِ على تسميتهما بالصحيحَينِ .. فلا شكَّ فيهِ، بل قد صارَ ذِكْرُ الصحيحِ عَلَمًا لهما وإِنْ كان غيرهما بعدهما قد جمع الصحيح واشترط الصحة، كابي بكر الإِسماعيلي الجرجاني، وأبي الشيخ ابن حَيَّان الأصبهاني، وأبي بكر البَرْقاني، والحاكم أبي عبد الله، وإِبراهيم بن حمزة، وأبي ذرّ الهَرَوي، وغيرهم، لكنِ الإِمامان أحرزا قصب السباق، ولُقِّبَ كتاباهما بـ "الصحيحين" بالاتفاق. قال أبو عبد الله الحاكم: أهلُ الحجاز والعراق والشامِ يشهدون لأهل خُراسان بالتقدُّم في معرفة الحديث، لسَبْقِ الإِمامين البخاريِّ ومسلمٍ إِليه، وتفَرُّدِهما بهذا النوع. "المفهم" (١/ ٩٩ - ١٠٠).
وقال الإِمام عبد الحقِّ الإِشبيلي في مقدّمة كتابه "الجمع بين الصحيحين" (١/ ٦):
(والغَرَضُ من هذا المختصَرِ: أنْ يَخِفَّ به الكتابان على مَنْ أعياه حفظ الأسانيد، واعتمدَ في العلم بها على التقليد، لاسيما وقد اشتهرا في الصحة شهرةً لا مطعن عليها، وتَضَمَّنا من الأخبار ما لجأَ الناسُ في الأكثرِ إِليها، وحَسْبُكَ من هذين الكتابين أنهما إِنما يُعرفان بـ "الصحيحين").
1 / 20
ما يُوجِبُ لهما أولَويَّةً، فقد حكى القاضي أبو الفَضْلِ عِياضُ بن موسى الإِجماعَ على إِمامتهِ وتقديمهِ، وصِحَّةِ حديثهِ وتميُّزهِ، وثقتهِ وقَبُولِ كتابهِ.
وكان أبو زرعة وأبو حاتم يُقَدِّمانهِ في الحديث على مشايخ عصرهما.
وقال أبو عليٍّ الحُسَينُ بن علي النيسابوريُّ: ما تحت أديم السماء أصحُّ من كتاب مسلم (١).
_________
(١) قال الحافظ ابن حجر: (وأمّا قولُ أبي علي النيسابوري .. فلم نَقِفْ قطُّ على تصريحه بأَنَّ كتابَ مسلمٍ أَصَحُّ من كتابِ البخاري، بخلاف ما يقتضيه إِطلاق الشيخ محيي الدين في "مختصره في علوم الحديث" وفي مقدمة "شرح البخاري" أيضًا حيث يقول: اتفق الجمهورُ على أَنَّ "صحيح البخاري" أصحّهما صحيحًا، وأكثرهما فوائد، وقال أبو علي النيسابوريُّ وبعضُ علماءِ المغربِ: صحيحُ مسلمٍ أَصَحُّ. اهـ
ومقتضَى كلام أبي عليّ: نَفْي الأصحيَّة عن غير كتاب مسلمٍ عليه، أمَّا إِثباتُها له .. فلا؛ لأن إِطلاقه يحتملُ أنْ يريدَ ذلك، ويحتملُ أنْ يُريدَ المساواة، والله أعلم.
والذي يظهرُ لي من كلام أبي علي: أنه إِنما قَدَّمَ "صحيحَ مسلمٍ" لمعنىً غيرِ ما يرجعُ إِلى ما نحن بصدده من الشرائطِ المطلوبةِ في الصحة، بل ذلك لأنَّ مسلمًا صَنَّفَ كتابَه في بلدهِ بحضورِ أصولهِ في حياةِ كثير من مشايخهِ، فكان يتحرَّزُ في الألفاظ، ويتحرَّى في السِّياق، ولا يتصدَّى لِمَا تصدَّى له البخاريُّ من استنباط الأحكام ليُبوِّبَ عليها، ولزمَ من ذلك تقطيعه للحديث في أبوابه، بل جَمَعَ مسلمٌ الطُّرُقَ كُلَّها في مكانٍ واحدٍ، واقتصرَ على الأحاديثِ دونَ الموقوفات، فلم يُعَرِّجْ عليها إِلا في بعض المواضع على سبيل النُّدور تبعًا لا مقصودًا، فلهذا قال أبو عليّ ما قال، مع أني رأيتُ بعض أئمتنا يُجَوِّزُ أن يكون أبو علي ما رأى "صحيح البخاري"، وعندي في ذلك بُعْدٌ، والأقربُ ما ذكرتهُ، وأبو علي لو صَرَّحَ بما نُسِبَ إِليهِ .. لكانَ محجوجًا بما قَدَّمْناهُ مجملًا ومفصّلًا، واللهُ الموفق.
وأمَّا بعضُ شيوخِ المغاربةِ .. فلا يُحْفَظُ عن أحدٍ منهم تقييدُ الأفضليةِ بالأصحيَّة، بل أطْلَقَ بعضُهم الأفضلية، وذلك فيما حكاهُ القاضي أبو الفضلِ عياض في "الإِلماع" عن أبي مروان الطُّبْني، قال: كان بعض شيوخي يُفَضِّلُ صحيح مسلم على صحيح البخاري. اهـ
وقد وجدتُ تفسيرَ هذا التفضيل عن بعض المغاربة؛ فقرأتُ في "فهرست أبي محمد التجيبي" قال: كان أبو محمد بن حَزْم يُفَضِّلُ كتاب مسلم على كتاب البخاري؛ لأنه ليس فيه بعد خطبتِه إلا الحديثُ السرد. اهـ
وعندي: أَنَّ ابن حزم هذا هو شيخ أبي مروان الطبْني الذي أبهمه القاضي عياض، ويجوزُ أن يكونَ غيرَه، ومحلُّ تفضيلهما واحد.
ومن ذلك قولُ مَسلَمة بن قاسم القرطبي -وهو من أقران الدارقطني- لمَّا ذكرَ في "تاريخه" =
1 / 21
وقال أبو مروان الطُبْنِيُّ (١): كان من شيوخي مَنْ يُفَضِّلُ كتابَ مسلمٍ على كتاب البخاري.
وقال مَسْلَمة بن القاسم في "تاريخه": مسلم جليلُ القَدْرِ، ثقةٌ من أئمَّةِ المُحَدِّثين، وذَكَرَ كتابَهُ "الصحيحَ" فقال: لم يَضَعْ أَحَدٌ مِثْلَهُ.
وقال أبو حامد بن الشَّرْقِيّ: سَمِعْتُ مسلمًا يقول: ما وَضَعْتُ شيئًا في هذا المسند إِلَّا بحُجَّةٍ، وما أسقطتُ منهُ إِلَّا بحُجَّةٍ.
وقال ابنُ سفيان: قال مسلمٌ: ليس كُلُّ الصحيحِ وَضَعْتُ هنا، إِنَّما وَضَعْتُ ما أجمعوا عليهِ.
وقال مسلمٌ: ولقد عَرَضْتُ كتابي هذا على أبي زُرْعة الرازيِّ فكُلُّ ما أشارَ عليَّ أَنَّ لهُ عِلَّةً .. تَرَكْتهُ، وما قال: هو صحيحٌ ليسَ له عِلَّةٌ .. أَخْرَجْتُه (٢).
_________
= صحيح مسلم قال: (لم يَضَعْ أحدٌ مِثْلَهُ) فهذا محمولٌ على حُسْنِ الوضع وجودة الترتيب، وقد رأيتُ كثيرًا من المغاربة ممَّن صَنَّف في الأحكام بحذف الأسانيد كعبد الحق في "أحكامه" و"جَمْعِه" يعتمدون على كتاب مسلم في نَقْلِ المتونِ وسياقِها دون البخاري؛ لوجودِها عند مسلمٍ تامَّةً وتقطيع البخاري لها، فهذه جهةٌ أخرى من التفضيل لا تَرْجِعُ إِلى ما يتعلق بنفس الصحيح، والله أعَلم. "هدي الساري" (ص ١٢ - ١٣). وانظر في ذلك: "صيانة صحيح مسلم" (ص ٦٧)، و"شرح صحيح مسلم" (١/ ١٤). و"شرح البخاري" (ص ٧) وكلاهما للنووي، و"تحفة الأخباري" لابن ناصر الدين (ص ١٩٥ - ٢٠٠)، و"عمدة القارئ والسامع" للسخاوي (ص ٤٨ - ٥٢)، و"الإِمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح" (٢/ ٥٦٢ و٥٧٨).
(١) هو عبد الملك بن زِيَادة الله بن علي، أبو مروان الطُبْنِيُّ، من أهل بيت جلالة ورئاسة، وكانتْ له عنايةٌ تامَّةٌ في تقييد العلم والحديث، توفي سنة سبع وخمسين وأربعمائة. والطُبْنِيُّ: نِسْبة إِلى طُبْنَة، وهي بلدةٌ في طرف إِفريقية ممَّا يلي المغرب على ضفة الزاب، وهي بضمِّ الطاء المهملة، ثم موحدة ساكنة، ثم نون مفتوحة، ثم هاء. انظر ترجمته في: "جذوة المقتبس" (ص ٢٨٤)، و"الصلة" لابن بشكوال (٢/ ٣٦٠)، و"معجم البلدان" (٤/ ٢١)، و"تكملة الإِكمال" لابن نقطة (٣/ ٥٠) (زيادة)، و(٤/ ٦٨) (الطبني)، و"توضيح المشتبه" (٦/ ٤١)، و"تبصير المنتبه" (٣/ ٨٧٩)، و"هدي الساري" (ص ١٢)، ووقع في "المفهم" للقرطبي (١/ ١٠٠): (الطِّيبي) فليُصحح.
(٢) انظر هذه الأقوال في "إِكمال المُعْلِم بفوائد مسلم" للقاضي عياض (١/ ٧٩ - ٨١)، و"المُفْهِم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" للقرطبي (١/ ١٠٠ - ١٠١)، و"تقييد =
1 / 22