Imamato y Perspectiva
الإمامة والتبصرة من الحيرة
Investigador
مدرسة الإمام المهدي عليه السلام
Editorial
مدرسة الإمام المهدي عليه السلام
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1404 AH
Ubicación del editor
قم
Géneros
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أوجب الحمد على عباده بنعمه عندهم آنفا واستوجب منهم - بما وفقهم لذلك الحمد على تلك النعم - شكرا مستأنفا.
وسبحان من ليس معه لأحد في الآنف من النعمة، والمستأنف من الشكر صنع في إحداث موهبة، ولا في إلهام شكر، بل برأفته أولى النعم، وبتحننه ألهم الشكر، وبتفضله بسط في ذلك كله التوفيق، وبحكمته أرشد إلى الهدى، وبعدل قضائه لم يجعل في الدين من حرج، ولم يدع إليه بسبيل غامض (ولو بان الدال) (1) عليه عن الكلام المتداول على الألسنة، بينونته - جل ثناؤه - عن عباده، لحارت الأسماع عن إصغائه، وتاهت الأفئدة عن بلوغه، وغربت الأفهام عن حمله غروبها عن كيفية الله - جلت أسماؤه -.
والحمد لله الذي كان من لطيف صنعه وإنفاذ حكمته أن لم يحمل علينا في ذلك إصرا، وجعل سفيره - فيما دعا إليه - خيرته من خلقه محمدا صلى الله عليه وآله، وبين منه - في أيام الدعوة، وقبل حدوث النبوة وإظهار الرسالة - عناصر طيبة وأعراقا طاهرة وشيما مرضية (2).
Página 7
وجعله المقتدى به في مكارم الأخلاق، والمشار إليه بمجانبة الأعراض التي تمنع التقديم والتأخير، وتحجزت بالتقديس والتفضيل، حتى دعانا إلى الله جل جلاله بكلام مفهوم، وكتاب عزيز (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد) (3).
فجعل الداعي منزها عن دنية تحجزه عن قول معروف، ومصونا بالعصمة عن أن ينهى عن خلق ويأتي بمثله، والرسالة مباينة عن أن يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها.
ومن على خلقه أن جعل الداعي معهودا بالمجاورة، والدعوة مشهورة بالمجاورة، وأوكد في ذلك على عباده الحجة أن دعا إلى حق لا يجمع مختلفين ولا يضم متفقين.
وجعل عباده - على اختلاف هممهم واتساع خلائقهم - بمعزل عن السبيل التي " لو اتبع الحق أهوائهم، لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن " (4) ومباينة من الحالة التي يملكون فيها لأنفسهم نفعا أو ضرا، وأوكل عجزهم (5)، وضعف آرائهم إلى أئمة أصفياء، وحفظة أتقياء، عن الله يبلغون، وإليه يدعون، وبما يأمرون به من الخيرات يعملون، وعما ينهون عنه ينتهون " ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خشيته مشفقون " (6).
فالحمد لله على جميع هذه النعم الحسنة، حمدا يؤدى به الحق، ويستجلب به المزيد.
وصلى الله على محمد وآله صلاة ترفع إليه وتزكو عنده، وتدل على اشتمال الثبات، واستقرار الطويات على أنهم لله علينا حجة، وإليه لنا قادة وعليه - تبارك اسمه - أدلة، وفي دينه القيم شريعة وسالفة، وأن كلمتهم لا تبطل وحجتهم لا تدحض، وعددهم لا يختلف، ونسبهم لا ينقطع، حتى يرث الله - جل جلاله -
Página 8
الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، ويظهرهم على الدين كله ولو كره المشركون.
" قال الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه رحمه الله " (7) إني لما بذلت فيما أخلدت من الكتب وسعي، وأخرجت فيما لزمني من ذلك جهدي، وجدت الصلاة تجمع حدودا كثيرة، والصوم يشمل أمورا وافرة والزكاة تضم معاني مختلفة، والحج يحوي مناسك جمة.
ووجدت حمل هذه الأشياء الجليلة، وملابسة هذا الدين القيم، وتبصرة ما ذكرت من هذه الأحوال، لا تنال إلا بسابقة إليه وإمام يدل عليه، وأن من هداه الله لذلك أرتشد سبيله وانتفع بعلمه وعمله، ومن أضله أضل سبيله وحبط عمله، وخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
وعلمت أن الإمامة حال بها يدرك حدود الصلاة، وشرائع الصوم، ومعاني الزكاة، ومناسك الحج.
ورأيتها أجل عروة محكمة، وأوثق سبيل منهجة.
ورأيت كثيرا ممن صح عقده، وثبتت على دين الله وطأته، وظهرت في الله خشيته، قد أحادته الغيبة، وطال عليه الأمد حتى دخلته الوحشة، وأفكرته (8) الأخبار المختلفة، والآثار الواردة، فجمعت أخبارا تكشف الحيرة وتجسم النعمة (9) وتنبئ عن العدد، وتؤنس من وحشة طول الأمد.
وبالله للصواب أرتشد، وعلى صالح القول أستعين، وإياه أسأل أن يحرس الحق ويحفظه على أهله، ويصون مستقره ومستودعه.
" أسباب اختلاف الروايات وموجبات الحيرة والاشتباه " فلأجل الحاجة إلى الغيبة اتسعت الأخبار، ولمعاني التقية والمدافعة عن الأنفس اختلفت الروايات " وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هديهم حتى يبين لهم
Página 9
ما يتقون " (10).
ولولا التقية والخوف، لما حار أحد ، ولا اختلف اثنان، ولا خرج شئ من معالم دين الله - تعالى - إلا على كلمة لا تختلف وحرف لا يشتبه.
ولكن الله - عظمت أسماؤه - عهد إلى أئمة الهدى في حفظ الأمة، وجعلهم في زمن مأذون لهم بإذاعة العلم، وفي آخر حلماء " يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزى قوما بما كانوا يكسبون " (11).
عظم هذا من أمر وجل! ولأمر ما وقع وحل!.
وغير عجب أن يحدث في مثله من الأوقات خبر يحمي خيط الرقبة (12).
ويحرس بفضل المداراة جمهور البيضة.
وفي مثل هذا الزمن خولف الأمر في العدد، حتى أوقع في الظاهر أمر ما لا خلاف في استبطانه، وكشف عن سبب لا شك في كتمانه.
وليست إشارة مشهورة وإذاعة بينة أن يقول ولي من أولياء الله وثقة من خزان أسرار الله أن صاحب هذا الأمر أثبت (13) مني، وأخف ركابا.
هذا، مع الروايات المشهورة والأحاديث الكثيرة: أن الوقت غير معلوم، والزمن غير معروف، ولولا كتمان الوقت والمساترة به، لما استدل عليه بالصيحة (14)، والآيات وخروج رايات أهل الضلالات، ولقيل: إنه فلان بن فلان، وإن يومه يوم معلوم بين الأيام، ولكن الله - جل اسمه - جعله أمرا منتظرا في كل حين، وحالا مرجوة عند كل أهل عصر،
Página 10
لئلا تقسو - بطول أجل يضربه الله - قلوب، ويستبطأ (15) في استعمال سيئة وفاحشة، موعدة عقاب، وليكون كل عامل على أهبة، ويكون من وراء أعمال الخيرات أمنية، ومن وراء أهل الخطايا والسيئات خشية وردعة، وليدفع الله بعضا ببعض، والسنة القديمة على هذا قول رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر الساعة حين أنذر قومه: صبحتكم الساعة، مستكم الساعة، بعثت أنا والساعة كهذه من هذه (16).
فلولا ما أراد من المدافعة وتقريب المدة على عامل الخير والشر والثواب والعقاب، لعلم (صلى الله عليه وآله) أن ما جرت إليه الأمة الضالة دون وقوع الساعة، وأن ما وعده الله في أهل بيته من إظهارهم على الدين كله قبل حدوثها يكون.
وعلى هذا مضت الرسل، ودرج الرسل، ودرج الأخيار، كل يقرب القيامة، ويدني الساعة، ويبشر بسرعة المجازاة على العقاب والثواب.
ولو كان الخبر عن كل شئ بحقيقته مقدما، والأجل في كل مدة مضروبا ممهدا، لكان حق الرسالة وفرض البلاغة على عيسى عليه السلام أن يأمر من يعلم أنه يبلغ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يقتصر على ما يعهده في أيامه، ثقة بأن شريعته تنسخ الشرايع، وعلما بأنه خير النبيين وسيد المرسلين.
ولاقترف أهل كل فترة ذنوبا عظيمة وجرائح كثيرة، ولكنهم كانوا على اقتراب من انتظار عقاب أو ثواب وبذلك دفع الله الناس بعضهم ببعض.
وهذه السنة في الأئمة عليهم السلام مستعملة، وعلى أيامهم جارية، وفيهم قائمة.
ولو كان أمرهم مهملا عن العدد وغفلا، لما وردت الأخبار الوافرة بأخذ الله
Página 11
ميثاقهم على الأنبياء وسالف الصالحين من الأمة.
ويدلك على ذلك قول أبي عبد الله عليه السلام حين سئل عن نوح عليه السلام لما ذكر " استوت سفينته على الجودي بهم ":
هل عرف نوح عددهم؟
فقال: نعم، وآدم عليه السلام (17).
وكيف يختلف عدد، يعرفه أبو البشر ومن درج من عترته والأنبياء من عقبه، على شرذمة من ذريته وبقية يسيرة من ولده؟!
وأي تأويل يدخل على حديث اللوح (18).
وحديث الصحيفة المختومة (19)؟
والخبر الوارد عن جابر في صحيفة فاطمة عليها السلام (20)؟
وكيف لا يعلم: أن الذي قال [- ه] العالم عليه السلام: ستة أيام، أو ستة أشهر أو ست سنين، غير معلوم؟! (21)
Página 12
ومن غير شك: يجوز أن أمرا لا يمتنع أن يجوز وقته من ستة أيام إلى ستة أشهر، ومن ستة أشهر إلى ست سنين، غير ممتنع أن يجوز إلى سنين.
وهل هذا مفهوم؟
فإن كان عليه السلام أراد تسمية الوقت، فقد علم أنه لم يسم.
وإن أراد الاغماض منه (22) فغير عجب أن يغمضه بأشد ما يقدر عليه، ويستر عنه بأجهد ما يمكنه، لأن أمرا يخبر عنه من يوثق بعلمه بالشك بين ستة أيام أو ست سنين، لا يراد به غير المغامضة والستر.
Página 13
ولولا إقحام السؤال عليهم في أوقات غير مسهلة للجواب، لما خرج حكم إلا على حقيقته، ولا كلام إلا على جهته.
فأما قوله عليه السلام: إن صاحب هذا الأمر ابن ثلاثين سنة، أو إحدى وثلاثين سنة، أو أربعين سنة، فإن جاز الأربعين فليس بصاحب هذا الأمر (23).
فإنه لمعنى المدافعة عن الأنفس، وليتيقن (24) من لا يشك في إمامة من يحدث بهذا الحديث من أعدائه: أنه ليس بصاحب السيف فيلهو عنه ويشتغل عن طلبه.
ويدلك على هذا قوله: يملك السابع من ولد الخامس، حتى يملأها عدلا كما ملئت جورا (25).
ولو كان صاحب هذا الأمر لا يجوز أن يجوز أربعين سنة، لما جاز لأحد من الأئمة عليهم السلام أن تصلح له الإمامة فوق الأربعين، لأن الإمامة شأن واحد في القيام بالعلم والسيف، وما كان الله ليجعل هذا الأمر العظيم في رجل يختاره، ثم ينزعه عنه لمعنى السن.
ولو طويت ما نطقت به من هذا التأويل على هذا الخبر، لكان فيما يتأوله من يتعلق به للرد أقنع حجة وأبلغ دفعا، لأن الذي يروي هذا الحديث يتأول: أن امتناع القيام بعد الأربعين سنة من طريق النكير في العقول.
وأعوذ بالله أن أقول: إنهم صلوات الله عليهم بمنزلة سائر الناس، وإن عقولهم مما يدخلها الفساد في الأربعين وما فوقها.
Página 14
والأسوة برسول الله صلى الله عليه وآله حسنة، وهو سيد النبيين والأئمة الراشدين، وحين أناف على الأربعين نبي، وبعدها بسنين أظهر الدعوة.
فأما أمر موسى عليه السلام، وقوله: إنه لا يموت حتى يملأها عدلا كما ملئت جورا، فإن ذلك قاله عند شدة الطلب وقسوة القلوب، ليقرب المدة، ويردع الظلمة.
والحجة، فيمن قال بالوقف عليه، قد استقصيت بصحيح الأخبار في باب إمامته.
وإنما أردت بذكر هذا الحديث إيراد قوله: " بدا لله فيما قلت " لأنه خرج في أيام فلان حين اشتد الطلب والخوف، حتى وقع بعد هذا الحديث من الغيبة والاختفاء ما اتصل بهذا العهد وبلغ هذه المدة، وما كان الله ليبدو له في إمام تسمية ولا خروجا.
وما أفرق - بعد قولي: إن الإمامة أحد الشرائع الخمسة - بين من يقول بالبداء فيها بالعدد والتسمية، وبين من يقول بالبداء في الصلاة والصوم وسائر الشرائع الأربعة.
لأن مخرج الأربعة من الواحدة، وهي الإمامة، فإن جاز أن ينسخ الله أصل الشرائع، جاز أن ينسخ فرعها.
وأعوذ بالله أن أقول بنسخ شريعة وتبديل ملة، بعد أن جعل الله محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين، وشريعته خاتمة الشرائع، وواصل القيام على دينه وشريعته بقيام الساعة، والانتقال منها إلى محشر القيامة فأما الوقت:
فالسنة (26) فيه الكتمان، والشريعة فيه الامساك عن الإعلان.
ومما يدل على التقية ويرشد إلى (27) أن الأخبار الكثيرة وردت لعلة ما: قوله عليه السلام: " بدا لله في إسماعيل ". (28)
Página 15
فكيف الحجة الآن في آدم عليه السلام أنه حفظ أسماءهم؟
وما القول في أمر نوح أنه علم عددهم؟ (29) وكيف يثبت أن الله - عز وجل - أخذ على الأمة كلها عهدهم، وهو ينسخ أمرهم، ويبدو له في أسمائهم؟.
وبأي دليل يدفع أمر اللوح؟
فأخبار الأظلة، والآثار الواردة أن الله خلقهم قبل الأمم، وما كان الله ليأخذ مولى من أوليائه على قوم، ثم يبدو له في ذلك وقد قبض إليه منهم العدد الكثير، إذ هو الحق أن لا يحاسب إلا بحجة، ولا يعذب إلا بحقيقة بلاغ.
وحاش لله أن يجعل خلفاء في عباده من ينقض أمرهم ويبدل سنتهم وتكون حكمته - سبحانه - بمحل يرشح رجلا لحفظ بيضة المسلمين فيكون بمنزلة ينحى عنها قبل انقضاء أجله وبلوغ مدته، أو يجعله بمحل من يحدث في عقله الفساد لبلوغه أقصى العمر وأبعد السن، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
والحجة على هذا القول، مثل الحجة على تسميته:
فسمى إماما، ولما هو، وأظهر القول فيه بالبداء لمثله، أو جعل البداء لمعنى معارضة في موت أو غم أو رزق أو أجل.
والإمامة لا تغير، والنسب لا ينقطع، والعدد لا يزيد ولا ينقص.
فإن قال قائل: إن الذي انتهى إليه الوقت في الغيبة غاية عمر أهل الدهر، ونهاية سن خلق هذا العصر، وإن الآيات قبله لم تظهر، والدلالات المذكورة بين يديه لم تحدث؟!
فهلا يقول بالبداء في هذه الدلالات، ويحتج بنسخها ، إذ؟ هو جائز عنده
Página 16
أن يبدو لله في إمام، فإن ذلك أولى وأحق.
وستجده (30) أكثر من يمتنع من هذا، ويحتج بأنها من المحتوم!
فكيف يجعل هذه الدلالات مما (لا) (31) يبدو لله فيها، لأنها من المحتوم، ويقول بالبداء في الإمامة ولا يشك أنها من المحتوم؟!
وكيف لا يتخذ الحجة في ذلك: أن الله - جل اسمه - يعفو عن عباده فيما يتوعدهم به من عقاب وعذاب محتوما كان ذلك منه أو موقوفا.
فلا يبدو له في وعد خير صغيرا كان أو كبيرا، حتى تسلم له المدة ويقرب الله عليه الوقت، ويكفيه أمر الوحشة لطول الغيبة.
وإن (32) ترك هذه العلة في الوقت، وقال بالعمر: أنه لا يجوز عمر متأخر على عمر متقدم؟!
فالخبر شائع أن عمر أبي عبد الله عليه السلام أوفى على عمر من تقدمه (33).
وكلما جاز أن يكون في واحد، هو جائز أن يكون في آخر، لا سيما إذا لم يكن ذلك مما يفسد شريعة أو يبطل سنة.
وعسى أن يعتصم بعد هذه الأحوال مقصر بالتسليم، فيقول:
إنه واجب استعماله في الأخبار كلها، ويكره التفقه، ويرفض القصد فيقول: وردت الأخبار، ولزم القبول ووجب التسليم.
ويجعل الولي في ذلك بمنزلة العدو، فيوجب على أولياء الله استعمال خبر خرج من العلماء عن تقية لأعداء الله.
ولا يعلم أن المجتهد في العمل أفضل من المتكل على الأماني.
ويجهل قول أمير المؤمنين عليه السلام: اللهم إنك تعلم أنه ما ورد علي أمران أحدهما لك رضا، والآخر لي هوى، إلا آثرت رضاك على هواي. (34)
Página 17
وهذا بعيد من هذا النمط، وعميق من القول في هذا الموضع، لكن لطيف النظر يذهب إليه، ودقيق الفكر يوجب أنه إذا لزم الايثار في أمرين كلاهما حق، لفضل رضا الله على هوى ولي من أوليائه.
إن استعمال الايثار في خبر ورد لمكان حجة، واستعبار واجب على خبر وقع لمعنى تقية ومكان مدافعة.
جعلنا الله ممن يبصر رشده، ويهتدي سننه، ويجتهد في الدين بلغته ويبذل فيه طاقته، ويخشاه حق خشيته، ويراقبه مراقبة أهل طاعته ، ويرغب في ثوابه ويخاف معاده، وختم أعمالنا بالسعادة والزلفى الحسنة.
وقد بينت الأخبار التي ذكرتها من طريق العدد، وكل ما وقع في عصر إمام من إشارة إلى رجل، أو دعاية (35) منه بغير حق، واستحالة مجاوزة العدد وتبديل الأسماء، بصحيح الأخبار عن الأئمة الهادين عليهم السلام.
متوكلا على الله تعالى، ومستغفرا من التقصير، ومستعيذا به سبحانه أن أريد - بما تكلفته - إلا الاصلاح وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.
Página 18
الإمامة والتبصرة
Página 19
1 - باب الوصية من لدن آدم عليه السلام 1 - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب والهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد، عن مقاتل ابن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
قال النبي صلى الله عليه وآله: أنا سيد النبيين، ووصيي سيد الوصيين وأوصياؤه سادة الأوصياء.
إن آدم عليه السلام سأل الله تعالى أن يجعل له وصيا صالحا، فأوحى الله عز وجل إليه: إني أكرمت الأنبياء بالنبوة، ثم اخترت خلقي وجعلت خيارهم الأوصياء.
فقال آدم عليه السلام: يا رب اجعل وصيي خير الأوصياء.
فأوحى الله إليه: يا آدم، أوص إلى شيث فأوصى آدم إلى شيث، وهو هبة الله بن آدم.
وأوصى شيث إلى ابنه شبان، وهو ابن نزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من الجنة، فزوجها ابنه شيثا (1).
Página 21
وأوصى شبان إلى مخلث (2).
وأوصى مخلث إلى محوق.
وأوصى محوق إلى عثميثا (3).
وأوصى عثميثا إلى أخنوخ، وهو إدريس النبي عليه السلام.
وأوصى إدريس إلى ناحور.
ودفعها ناحور (4) إلى نوح النبي عليه السلام.
وأوصى نوح إلى سام.
وأوصى سام إلى عثامر.
وأوصى عثامر إلى برعثباشا (5).
وأوصى برعثباشا إلى يافث.
وأوصى يافث إلى بره.
وأوصى بره إلى حفسه (6).
وأوصى حفسه إلى عمران.
ودفعها عمران إلى إبراهيم الخليل عليه السلام.
وأوصى إبراهيم إلى ابنه إسماعيل.
وأوصى إسماعيل إلى إسحاق.
وأوصى إسحاق إلى يعقوب.
وأوصى يعقوب إلى يوسف.
وأوصى يوسف إلى بثريا (7).
Página 22
أوصى بثريا إلى شعيب.
ودفعها شعيب إلى موسى بن عمران عليه السلام.
وأوصى موسى إلى يوشع بن النون 8).
وأوصى يوشع إلى داود النبي.
وأوصى داود إلى سليمان.
وأوصى سليمان إلى آصف بن برخيا.
وأوصى آصف إلى زكريا.
ودفعها زكريا إلى عيسى بن مريم عليه السلام.
وأوصى عيسى إلى شمعون بن حمون الصفا.
وأوصى شمعون إلى يحيى بن زكريا.
وأوصى يحيى بن زكريا إلى منذر.
وأوصى منذر إلى سليمة.
وأوصى سليمة إلى برده.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ودفعها إلي برده.
وأنا أدفعها إليك يا علي.
وأنت تدفعها إلى وصيك، ويدفعها وصيك إلى أوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد، حتى تدفع إلى خير أهل الأرض بعدك.
ولتكفرن بك الأمة، ولتختلفن عليك اختلافا كثيرا شديدا.
الثابت عليك كالمقيم معي، والشاذ عنك في النار " والنار مثوى الكافرين " (9).
Página 23
2 - باب أن الأرض لا تخلو من حجة 2 - محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن محمد بن إبراهيم، عن زيد الشحام، عن داود بن العلا، عن أبي حمزة الثمالي، قال:
قال الباقر عليه السلام: ما خلت الدنيا - منذ خلق الله السماوات والأرض - من إمام عدل إلى أن تقوم الساعة حجة لله فيها على خلقه (1).
3 - سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن نعمان الرازي، قال:
كنت أنا وبشير الدهان، عند أبي عبد الله عليه السلام، فقال:
لما انقضت نبوة آدم عليه السلام وانقطع أجله، أوحى الله عز وجل إليه أن يا
Página 25
آدم، قد انقضت نبوتك، وانقطع أجلك، فانظر إلى ما عندك من العلم والإيمان وميراث النبوة وأثرة (2) العلم والاسم الأعظم، فاجعله في العقب من ذريتك، عند هبة الله، فإني لن أدع الأرض بغير عالم يعرف به طاعتي وديني، ويكون نجاة لمن أطاعه (3).
4 - وعنه، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي إسحاق الهمداني، قال: حدثني الثقة من أصحابنا: أنه سمع أمير المؤمنين عليه السلام، يقول:
اللهم، لا تخل الأرض من حجة لك على خلقك ، ظاهر أو خاف مغمور، لئلا تبطل حجتك (4) وبيناتك (5).
Página 26
5 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السراج، قال:
قلت لأبي عبد الله عليه السلام: تبقى الأرض بلا عالم حي ظاهر (6) يفزع إليه الناس في حلالهم وحرامهم؟ فقال لي: إذا، لا يعبد الله، يا أبا يوسف (7).
6 - وعنه، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي العلا:
عن أبي عبد الله عليه السلام:
قال: قلت له: تبقى الأرض - يوما - بغير إمام؟ (8) فقال: لا (9).
7 - وعنه، عن محمد بن عيسى، عن بعض الثقات، عن الحسن بن زياد:
Página 27
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: الأرض لا تكون إلا وفيها عالم يصلحهم، ولا يصلح الناس إلا ذلك (10).
8 - سعد، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان عن الحسن بن زياد:
عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
لا يصلح الناس إلا بإمام، ولا تصلح الأرض إلا بذلك (11).
9 - سعد، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن أبي عمارة بن الطيار (12) قال:
سمعت أبا عبد الله عليه السلام، يقول:
لو لم يبق في الأرض إلا اثنان، لكان أحدهما الحجة (13).
Página 28