وأبو بكر ﵁ أولى الأمة بقوله تعالى: ﴿وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى - الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى - وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى - إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى﴾ [الليل: ١٧ - ٢١] (١).
٤ - موقف أبى بكر عقب وفاة النبي ﷺ (٢):
أُصيب المسلمون يوم وفاة الرسول ﷺ بمصيبة عظيمة، وهزّة عنيفة أفقدت الكثير منهم صوابهم، حتى أن عمر أنكر موت النبي ﷺ وخرج الناس وخطبهم، وقال: والله ما مات رسول الله ﷺ وليبعثنه الله فليقطعنّ أيدي رجال وأرجلهم.
وأقبل أبو بكر ﵁ على فرس من مسكنه بالسُّنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يُكلّم الناس حتى دخل على عائشة ﵂ فتيمم رسول الله ﷺ وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي، والله لا يجمع الله عليه موتتين، أما الموتة التي كُتِبَتْ عليك فقد متها (٣) ثم خرج أبو بكر - وعمر يُكّلم الناس - فقال: أيها الحالف على رسْلِك، وقال: اجلس يا عمر،
(١) سورة الليل، الآيات ١٧ - ٢١. وقد ذكر غير واحد من المفسرين أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق - رصي الله عنه - إن بعضهم حكى الإِجماع من المفسرين على ذلك انظر: تفسير ابن كثير ٤/ ٥٢٢.
(٢) انظر له مواقف حكيمة في البخاري مع الفتح في كتاب مناقب الأنصار، باب أيام الجاهلية ٧/ ١٤٩ وأبي نعيم في الحلية ١/ ٣١، وأحمد في الزهد بمعناه ص ١٦٤، وانظر: حياة الصحابة ٢/ ٦١١، ٦١٢، وأعلام المسلمين لخالد البيطار ١/ ٣٠، وصحيح الجامع الصغير للألباني ٤/ ١٧٢، برقم ٤٣٩٥، وانظر أيضًا. فتح الباري ٧/ ١٤، فقد ذكر لأبي بكر عجائب في الورع.
(٣) البخاري مع الفتح، كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه ٣/ ١١٣، وكتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته، ٨/ ١٤٥.