91

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٢ هـ

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
وَأَمَّا الْآيَةُ الْأُخْرَى، وَإِنْ سَلَّمْنَا كَوْنَ الْمَفْهُومِ حُجَّةً فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْآيَةِ الْأُولَى بِعَيْنِهِ وَارِدٌ هَاهُنَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْمَعْقُولِ فَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ. كَيْفَ وَأَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ حُكْمٌ بِنَفْيِ الْحُكْمِ فَكَانَ مُتَنَاقِضًا. وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ: أَنَّ وُقُوعَ الْعَذَابِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ فَلَازِمُهُ عَدَمُ الْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ دُونَهُ. وَهَذَا اللَّازِمُ مُنْتَفٍ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَلَا مَلْزُومَ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ السُّؤَالِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ. وَالتَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ قَبْلُ لَا غَيْرُ، وَنَفْيُ مَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ، وَبِهِ انْدَفَعَ السُّؤَالُ الرَّابِعُ. (١) وَمَا ذَكَرُوهُ عَلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ فَقَدْ سَبَقَ أَيْضًا جَوَابُهُ، وَنَفْيُ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ حُكْمًا غَيْرَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ لَيْسَ هُوَ الْحُكْمَ مُطْلَقًا لِيَلْزَمَ التَّنَاقُضُ، بَلْ نَفْيُ مَا أَثْبَتُوهُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَنَاقُضَ. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ إِنْ فَسَّرُوهَا بِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، فَلَا نِزَاعَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي صِحَّةِ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ بِإِزَائِهِ، وَلِهَذَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ عَلَى أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ تَحَقُّقٍ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهَا، وَإِنْ فَسَّرُوهَا بِتَخْيِيرِ الْفَاعِلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّخْيِيرُ لِلْفَاعِلِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَسْمِيَةُ أَفْعَالِ اللَّهِ مُبَاحَةً لِتَحَقُّقٍ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِالْإِجْمَاعِ. . وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَالْمُخَيِّرُ إِمَّا الشَّرْعُ وَإِمَّا الْعَقْل بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا شَرْعَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَتَخْيِيرُ الْعَقْلِ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ عَقْلًا، أَوْ فِيمَا لَمْ يَقْضِ الْعَقْلُ فِيهِ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، وَهُوَ فَرْعُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيِّ، وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ (٢)، وَإِنْ فَسَّرُوهُ بِأَمْرٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ.

(١) هُوَ قَوْلُهُمْ: لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْإِبَاحَةِ وَالْوَقْفِ. (٢) تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ لِلْفِعْلِ، إِلَّا أَنَّ اسْتِلْزَامَهُمَا لِلْحُكْمِ مَمْنُوعٌ، بَلْ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا إِلَى الشَّرْعِ.

1 / 93