353

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
[الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا]
وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ إِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ مُنْتَمِيًا إِلَى الْمِلَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ (وَنَحْوِهِ) أَوْ هُوَ مُنْتَمٍ إِلَيْهَا كَالْمُجَسَّمِ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا خِلَافَ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ رِوَايَتِهِ، لَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْكُفْرَ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ، وَالْفَاسِقُ غَيْرُ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ فَالْكَافِرُ أَوْلَى.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَاسِقَ إِنَّمَا لَمْ تُقْبَلْ رِوَايَتُهُ لِمَا عُلِمَ مِنْ جُرْأَتِهِ عَلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ اعْتِقَادِ تَحْرِيمِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِي حَقِّ الْكَافِرِ، إِذَا كَانَ مُتَرَهِّبًا عَدْلًا فِي دِينِهِ مُعْتَقِدًا لِتَحْرِيمِ الْكَذِبِ، مُمْتَنِعًا مِنْهُ حَسَبَ امْتِنَاعِ الْعَدْلِ الْمُسْلِمِ.
وَإِنَّمَا الِاعْتِمَادُ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ رِوَايَتِهِ عَلَى إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ عَلَى رَدِّهَا سَلْبًا لِأَهْلِيَّةِ هَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ عَنْهُ لِخِسَّتِهِ (١) .
وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ، فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ:
فَمَذْهَبُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا، كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ وَالْغَزَالِيِّ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، (٢)، أَنَّهُ مَرْدُودُ الرِّوَايَةِ.
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّنِ اشْتُهِرَ بِالْكَذِبِ وَالتَّدَيُّنِ بِهِ لِنُصْرَةِ مَذْهَبِهِ، فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِصِدْقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَحَرِّجًا فِي مَذْهَبِهِ مُتَحَرِّزًا عَنِ الْكَذِبِ حَسَبَ احْتِرَازِ الْعَدْلِ عَنْهُ، فَهُوَ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ صِدْقَهُ ظَاهِرٌ مَظْنُونٌ.
وَالْمُخْتَارُ رَدُّهُ لَا لِمَا قِيلَ مِنْ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى رَدِّهِ، وَلَا لِقِيَاسِهِ عَلَى الْكَافِرِ الْخَارِجِ عَنِ الْمِلَّةِ بِوَاسِطَةِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْكُفْرِ الْمُنَاسِبِ لِسَلْبِ أَهْلِيَّةِ هَذَا الْمَنْصِبِ عَنْهُ، إِذْلَالًا لَهُ.

(١) وَلِأَنَّ خُصُومَتَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَدَاوَتَهُ لَهُمْ فِي الدِّينِ مِمَّا يَحْمِلُهُ عَلَى الْكَيْدِ لَهُمْ وَالْحِرْصِ عَلَى التَّلْبِيسِ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَبْغَضَهُمْ مِنْ أَجْلِهِ.
(٢) أَصْحَابِنَا؛ أَيِ: الْأَشْعَرِيَّةِ، وَالْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الطَّيِّبِ الْبَاقِلَّانِيُّ الْأَشْعَرِيُّ الْمَالِكِيُّ، مَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ٤٠٣، وَالْغَزَالِيُّ هُوَ أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ الشَّافِعِيُّ، مَاتَ ٥٠٥، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ هُوَ أَبُو الْحَسَنِ الْهَمَذَانِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمُعْتَزِلِيُّ الشَّافِعِيُّ مَاتَ ٤٠٥.

2 / 73