351

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
وَعَلَى هَذَا فَمَنِ اعْتَقَدَ كَوْنَ الْمَسْأَلَةِ قَطْعِيَّةً، فَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ النَّفْيُ وَالْإِثْبَاتُ لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ الدَّلِيلِ الْقَاطِعِ عَلَى ذَلِكَ.
وَمَنِ اعْتَقَدَ كَوْنَهَا ظَنِّيَّةً فَلْيَتَمَسَّكْ بِمَا شَاءَ مِنَ الْمَسَالِكِ الْمُتَقَدِّمَةِ، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) (١) .
[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي شَرَائِطِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ]
[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي مُكَلَّفًا]
الْقِسْمُ الثَّانِي
فِي شَرَائِطِ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَمَا يَتَشَعَّبُ عَنْهَا مِنَ الْمَسَائِلِ، أَمَّا الشُّرُوطُ فَمِنْهَا مَا لَا بُدَّ مِنْهَا، وَمِنْهَا مَا ظُنَّ أَنَّهَا شُرُوطٌ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ.
أَمَّا الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ:
الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي مُكَلَّفًا (٢) .
وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ لَا يَكُونُ مُكَلَّفًا، إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الضَّبْطِ وَالِاحْتِرَازِ فِيمَا يَتَحَمَّلُهُ وَيُؤَدِّيهِ، كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ (٣) لِتَمَكُّنِ الْخَلَلِ فِيهَا.
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى الضَّبْطِ وَالْمَعْرِفَةِ، كَالصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُلُوغِ سِوَى الزَّمَانِ الْيَسِيرِ، فَلَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ (٤) لَا لِعَدَمِ ضَبْطِهِ، فَإِنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ مُتَمَكِّنٌ مِنْهُ، وَلَا لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالْعَبْدِ وَبِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَرِوَايَتُهُ مَقْبُولَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، بَلْ لِأَنَّا أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ قَبُولِ رِوَايَةِ الْفَاسِقِ، لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ، مَعَ أَنَّهُ يَخَافُ اللَّهَ (تَعَالَى) لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا فَاحْتِمَالُ الْكَذِبِ مِنَ الصَّبِيِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ يَكُونُ أَظْهَرَ

(١) انْظُرْ مَا خَرَجَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَجِدْ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ إِلَّا بِتَرْدِيدٍ بَيْنَ كَوْنِهَا قَطْعِيَّةً وَظَنِّيَّةً، وَلَمْ يَرْكَنْ إِلَى أَحَدِهِمَا، فَكَيْفَ يَصِحُّ هَذَا مَعَ دَعْوَاهُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ أَنَّ مَسَائِلَ الْأُصُولِ قَطْعِيَّةٌ؟ بَلْ كَيْفَ يَصِحُّ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِ وَقَوْلِ كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ بِالْوَقْفِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، كَمَسَائِلِ الْأَوَامِرِ لِشِدَّةِ الْخِلَافِ فِيهَا وَقُوَّةِ الْأَدِلَّةِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ، وَقَدْ يَحَارُ بَعْضُهُمْ أَحْيَانًا فِي الْمُسَائَلَةِ، وَيُحِيلُ مَنْ أَرَادَ التَّحْقِيقَ فِيهَا عَلَى غَيْرِهِ.
(٢) أَيْ: بَالِغًا عَاقِلًا.
(٣) أَيْ: لَا يُقْبَلُ تَحَمُّلُهُ وَلَا أَدَاؤُهُ.
(٤) أَيْ: أَدَاؤُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَإِنْ صَحَّ تَحَمُّلُهُ فِيهَا.

2 / 71