343

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ سَلَّمْنَا تَنْفِيذَ الْآحَادِ بِطَرِيقِ الرِّسَالَةِ وَالْقَضَاءِ وَأَخْذِ الزَّكَوَاتِ وَالْفَتْوَى وَتَعْلِيمِ الْأَحْكَامِ، فَلَا نُسَلِّمُ وُقُوعَ تَنْفِيذِ الْآحَادِ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي هِيَ مَدَارِكُ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ لِيَجْتَهِدُوا فِيهَا (١) وَذَلِكَ مَحَلُّ النِّزَاعِ.
سَلَّمْنَا صِحَّةَ التَّنْفِيذِ بِالْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَعْرِيفِهِمْ إِيَّاهَا، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى كَوْنِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ حُجَّةً، بَلْ جَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِفَائِدَةِ حُصُولِ الْعِلْمِ لِلْمَبْعُوثِ إِلَيْهِمْ بِمَا تَوَاتَرَ بِضَمِّ خَبَرٍ غَيْرِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ إِلَيْهِ (٢) .
وَمَعَ هَذِهِ الِاحْتِمَالَاتِ، فَلَا يَثْبُتُ كَوْنُ خَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةً فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
وَقَدْ أُورِدَ عَلَى هَذِهِ الْحُجَّةِ سُؤَالَانِ آخَرَانِ لَا وَجْهَ لَهُمَا:
الْأَوَّلُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَمَا أَنَّهُ كَانَ يُنْفِذُ الْآحَادَ لِتَبْلِيغِ الْأَخْبَارِ، كَانَ يُنْفِذُهُمْ لِتَعْرِيفِ وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْرِيفِ الرِّسَالَةِ.
فَلَوْ كَانَ خَبَرُ الْوَاحِدِ حُجَّةً فِي الْإِخْبَارِ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، لَكَانَ حُجَّةً فِي تَعْرِيفِ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ (٣) .
الثَّانِي: أَنَّ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ تَنْفِيذُ الْآحَادِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ أَحْكَامٍ شَرْعِيَّةٍ كَانَتْ مَعْلُومَةً لِلْمَبْعُوثِ لَهُمْ قَبْلَ إِرْسَالِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ بِهَا، كَمَا أَنَّهُمْ عَلِمُوا وُجُوبَ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، فَهَلْ إِرْسَالُ ذَلِكَ الْوَاحِدِ إِلَيْهِمْ عَلَى أَصْلِكُمْ.

(١) يَكْفِي فِي رَدِّ هَذَا الِاعْتِرَاضِ أَنَّهُ دَعْوَى يُكَذِّبُهَا الْوَاقِعُ، فَقَدْ أَرْسَلَ ﷺ الْآحَادَ مِنْ أَصْحَابِهِ لِإِبْلَاغِ الْأَخْبَارِ؛ بَلْ لِتَحْفِيظِ الْقُرْآنِ، وَمَنِ اسْتَقْرَأَ بَعْثَ الْوُلَاةِ وَالدُّعَاةِ كَفَاهُ دَلِيلًا عَلَى بُطْلَانِ تِلْكَ الدَّعْوَى.
(٢) يَرَدُّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَتَوَقَّفُوا عَنِ الْعَمَلِ بِمَا بَلَغَهُمْ مِنَ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ حَتَّى يَتَوَاتَرَ، وَلَمْ يُنْكِرِ الرَّسُولُ ﷺ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ السَّلَفِ.
(٣) يُجَابُ بِتَسْلِيمِ الْمُلَازَمَةِ، فَنَقُولُ بِصَلَاحِيَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ لِتَعْرِيفِ التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ وَإِثْبَاتِهِمَا، وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ بَاطِلٌ، بَلْ فِيهِ خِلَافٌ، وَالنُّصُوصُ تَشْهَدُ لِمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي إِثْبَاتِ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَفُرُوعِهَا وَأَيْضًا كُلُّ مَا طُلِبَ الْعَمَلُ بِهِ مَسْبُوقٌ بِاعْتِقَادِ مَشْرُوعِيَّتِهِ

2 / 63