La perfección en los principios de los juicios
الإحكام في أصول الأحكام
Editorial
المكتب الإسلامي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
(دمشق - بيروت)
Géneros
Usul al-Fiqh
الثَّانِي: أَنَّ الثَّلَاثَةَ فِرْقَةٌ، فَالطَّائِفَةُ الْخَارِجَةُ مِنْهَا إِمَّا وَاحِدٌ أَوِ اثْنَانِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ لَفْظِ " الطَّائِفَةِ " الَّتِي وَجَبَ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ لِلتَّفَقُّهِ وَالْإِنْذَارِ الْعَدَدَ الَّذِي يَنْتَهِي إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ، أَوْ مَا دُونَهُ لَا جَائِزَ أَنْ يُقَالَ بِالْأَوَّلِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ وَأَهْلِ بَلْدَةٍ، إِذَا كَانَ مَا دُونَهُمْ لَا يَنْتَهُونَ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ، أَنْ يَخْرُجُوا بِأَجْمَعِهِمْ لِلتَّفَقُّهِ وَالْإِنْذَارِ، وَذَلِكَ لَا قَائِلَ بِهِ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ، وَلَا فِي عَصْرِ مَنْ بَعْدَهُ فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الثَّانِي.
وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ إِخْبَارَ الْعَدَدِ الَّذِي لَا يَنْتَهِي إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً فِي غَيْرِهَا؛ ضَرُورَةَ أَنْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ وَذَلِكَ هُوَ الْمَطْلُوبُ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ أَوْجَبَ الْإِنْذَارَ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ كَمَا ذَكَرْتُمُوهُ.
وَصِيغَةُ قَوْلِهِ: (لِيُنْذِرُوا) لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لِلْأَمْرِ (١) .
وَإِنْ كَانَتْ لِلْأَمْرِ فَلَا نُسَلِّمُ لِلْوُجُوبِ عَلَى مَا يَأْتِي (٢) .
سَلَّمْنَا أَنَّهَا لِلْوُجُوبِ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِنْذَارَ هُوَ الْإِخْبَارُ، بَلْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ التَّخْوِيفَ مِنْ فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ، بِنَاءً عَلَى الْعِلْمِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ أَوِ الْمَفْسَدَةِ. وَالتَّخْوِيفُ خَارِجٌ عَنِ الْإِخْبَارِ (٣) .
(١) بَلْ يَجِبُ أَنْ تُنْذِرَ كُلُّ طَائِفَةٍ قَوْمَهَا إِلَّا إِذَا سَبَقَهَا غَيْرُهَا بِالْبَلَاغِ وَالتَّعْلِيمِ، بِدَلِيلِ مَا فِي الْآيَةِ مِنَ التَّحْضِيضِ، وَمَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ الْبَلَاغِ وَصِيغَةُ " لِيَتَفَقَّهُوا " أَوْ " لِيُنْذِرُوا "، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صِيغَةَ أَمْرٍ، لَكِنَّهَا لِتَعْلِيلِ التَّحْضِيضِ عَلَى نَفَرِ طَائِفَةٍ وَبَقَاءِ أُخْرَى، فَكَانَ كُلٌّ مِنَ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَالْإِنْذَارِ بِهِ مَقْصُودًا بِالْإِيجَابِ أَوَّلًا، وَكَانَ نَفَرُ طَائِفَةٍ وَبَقَاءُ أُخْرَى مَقْصُودًا بِالْقَصْدِ الثَّانِي؛ أَيْ: قَصْدِ الْوَسَائِلِ.
(٢) سَيَأْتِي لَهُ أَيْضًا فِي مَسَائِلِ الْأَوَامِرِ تَحْرِيرُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَإِنَّ الْخِلَافَ إِنَّمَا هُوَ الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ مِنَ الْقَرَائِنِ، وَالتَّخْصِيصُ فِي الْآيَةِ احْتَفَّتْ بِهِ قَرَائِنُ تُعَيِّنُ الْوُجُوبَ، وَهِيَ أَدِلَّةُ وُجُوبِ الْبَلَاغِ.
(٣) تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِنْذَارَ: إِخْبَارٌ بِمُخَوِّفٍ مِنْ فَوْتِ مَصْلَحَةٍ، أَوْ تَوَقُّعِ مَضَرَّةٍ، وَإِنَّمَا تُعْرَفُ الْمَصْلَحَةُ وَالْمَفْسَدَةُ مِنَ الشَّرْعِ، فَكَانَ التَّخْوِيفُ بِهَا إِخْبَارًا عَنِ الشَّرْعِ.
2 / 57