319

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
فَالتَّزَيُّدُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ مُمْتَنِعًا، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا إِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بِخَبَرٍ، فَإِنَّا إِذَا جَرَّدْنَا النَّظَرَ إِلَى خَبَرِهِ مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ، وَجَدْنَا أَنْفُسَنَا مِمَّا يَزِيدُ فِيهَا الظَّنُّ بِمَا أَخْبَرَ بِهِ بِاقْتِرَانِ خَبَرِ غَيْرِهِ بِخَبَرِهِ (١) .
وَأَمَّا الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: فَلِأَنَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُفِيدُ الْعِلْمَ بِمُخْبَرِهِ، لَزِمَ تَصْدِيقُ مُدَّعِي النُّبُوَّةِ فِي خَبَرِهِ، وَلَا كَذَلِكَ إِذَا قُلْنَا إِنَّ الْخَبَرَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ إِلَّا بِالْقَرَائِنِ.
فَخَبَرُ الْوَاحِدِ بِنُبُوَّتِهِ لَا يَكُونُ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ بِصِدْقِهِ دُونَ اقْتِرَانِ الْقَرَائِنِ بِقُولِهِ، وَالْمُعْجِزَةُ مِنَ الْقَرَائِنِ (٢) .
وَأَمَّا الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: فَغَايَتُهَا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ بِمُجَرَّدِهِ (٣)، وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ ذَلِكَ مُطْلَقًا.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ بِخَبَرٍ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ هَلْ يُعْلَمُ كَوْنَهُ صَادِقًا فِيهِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ
إِذَا أَخْبَرَ وَاحِدٌ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِخَبَرٍ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، هَلْ يُعْلَمُ كَوْنَهُ صَادِقًا فِيهِ؟
مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ الْعِلْمِ بِصِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَاذِبًا لَأَنْكَرَ النَّبِيُّ ﵇ عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ مُقِرًّا لَهُ عَلَى الْكَذِبِ مَعَ كَوْنِهِ مُحَرَّمًا، وَذَلِكَ مُحَالٌ فِي حَقِّ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، فَإِنَّهُ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ ﷺ غَيْرَ سَامِعٍ لَهُ، بَلْ هُوَ ذَاهِلٌ عَنْهُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ السَّمَاعُ وَعَدَمُ الْغَفْلَةِ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَعْلَمَ سَمَاعَهُ لَهُ وَعَدَمَ غَفْلَتِهِ عَنْهُ، فَمِنَ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَكُونَ فَاهِمًا لِمَا يَقُولُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ فَهْمُهُ لَهُ، وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فَاهِمًا لَهُ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَا أَخْبَرَ بِهِ مُتَعَلِّقًا بِالدِّينِ، أَوِ الدُّنْيَا: فَإِنْ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالدِّينِ، وَقُدِّرَ كَوْنُهُ كَاذِبًا فِيهِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَيَّنَهُ لَهُ وَعَلِمَ أَنَّ إِنْكَارَهُ عَلَيْهِ وَبَيَانَهُ لَهُ ثَانِيًا غَيْرُ مُنْجِعٍ فِيهِ فَلَمْ يَرَ فِي

(١) فِيهِ أَنَّ الْعِلْمَ يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ كَالظَّنِّ، كَمَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا ص ٣٤ ج ٢.
(٢) لَا نُسَلِّمُ الْمُلَازَمَةَ، فَإِنَّ دَعْوَاهُ النُّبُوَّةَ بِلَا مُعْجِزَةٍ عَلَى خِلَافِ سُنَّةِ اللَّهِ فِي إِرْسَالِهِ رُسُلَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا ص ٣٤ ج ٢.
(٣) غَايَتُهَا ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يُوجَدُ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ مَا يُفِيدُ بِمُجَرَّدِهِ الْعِلْمَ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فِي كُلِّ خَبَرٍ، وَلَا لِكُلِّ أَحَدٍ، لِتَفَاوُتِ الرُّوَاةِ فِي صِفَاتِ الْقَبُولِ وَتَفَاوُتِ السَّامِعِينَ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَبُعْدِ النَّظَرِ وَدِقَّتِهِ.

2 / 39