La perfección en los principios de los juicios
الإحكام في أصول الأحكام
Editorial
المكتب الإسلامي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
(دمشق - بيروت)
Géneros
Usul al-Fiqh
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ مِنْ حُصُولِ الْعِلْمِ بِامْتِنَاعِ الْكَذِبِ عَلَى الْمُخْبِرِينَ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ كَافِيًا فِي كَوْنِ الْعِلْمِ مِنَ التَّوَاتُرِ نَظَرِيًّا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ بِالْمُقَدِّمَاتِ قَدْ عُلِمَ مَعَهُ أَنَّهَا مُرْتَبِطَةٌ بِالْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ، وَأَنَّهَا الْوَاسِطَةُ الْمُفْضِيَةُ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُسَلَّمِ الْوُجُودِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْغَزَالِيُّ.
الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ ضَرُورِيًّا لَنَا لَكُنَّا عَالِمِينَ بِذَلِكَ الْعِلْمِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، كَمَا فِي سَائِرِ الْعُلُومِ الضَّرُورِيَّةِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ حُصُولَ عِلْمٍ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِهِ مُحَالٌ.
فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعِلْمُ ضَرُورِيًّا، وَجَبَ أَنْ يَعْلَمَ كَوْنَهُ ضَرُورِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ ضَرُورِيًّا لَا بُدَّ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ ضَرُورِيٌّ بَلْ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْعِلْمِ بِالْمُخْبَرِ بِالضَّرُورَةِ وَالْعِلْمُ بِصِفَتِهِ؛ وَهِيَ الضَّرُورَةُ، غَيْرَ ضَرُورِيٍّ.
كَيْفَ وَأَنَّهُ مُعَارَضٌ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ نَظَرِيًّا، لَعَلِمْنَاهُ عَلَى صِفَتِهِ نَظَرِيًّا عَلَى مَا قَرَّرُوهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَيْسَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ.
الْحُجَّةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ ضَرُورِيًّا، لَمَا اخْتَلَفَ الْعُقَلَاءُ فِيهِ، كَمَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الِاخْتِلَافُ فِيهِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ، وَإِلَّا كَانَ خِلَافُ السُّوفِسْطَائِيَّةِ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ بِالضَّرُورِيَّاتِ، مَانِعًا مِنْ كَوْنِهَا ضَرُورِيَّةً، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ مِنَ الْخَصْمَيْنِ هَاهُنَا، بَلْ وَلَكَانَ خِلَافُ السُّمَنِيَّةِ فِي حُصُولِ أَصْلِ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ مَانِعًا مِنْهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ خَبَرَ التَّوَاتُرِ لَا يَزِيدُ فِي الْقُوَّةِ عَلَى خَبَرِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ رَسُولِهِ، بَلْ هُوَ مُمَاثِلٌ أَوْ أَدْنَى، وَالْعِلْمُ بِخَبَرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ غَيْرُ حَاصِلٍ بِالضَّرُورَةِ، بَلْ بِالِاسْتِدْلَالِ فَمَا هُوَ مِثْلُهُ كَذَلِكَ، وَالْأَدْنَى أَوْلَى.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: حَاصِلُ مَا ذُكِرَ رَاجِعٌ إِلَى التَّمْثِيلِ، مُفِيدٌ لِلْيَقِينِ كَمَا عَرَفْنَاهُ فِي مَوَاضِعِهِ.
كَيْفَ وَإِنَّ الْعِلْمَ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عِلْمٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقَعُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِلْمِ الْحَاصِلِ مِنْ خَبَرِ اللَّهِ وَالرَّسُولِ، فَكَذَلِكَ لَا تَفَاوُتَ
2 / 22