La perfección en los principios de los juicios
الإحكام في أصول الأحكام
Editorial
المكتب الإسلامي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
(دمشق - بيروت)
Géneros
Usul al-Fiqh
[الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ إِذَا اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْعَصْرِ فِي مَسْأَلَةٍ بِدَلِيلٍ فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إِحْدَاثُ دَلِيلٍ آخَرَ]
الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ
إِذَا اسْتَدَلَّ أَهْلُ الْعَصْرِ فِي مَسْأَلَةٍ بِدَلِيلٍ، أَوْ تَأَوَّلُوا تَأْوِيلًا فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إِحْدَاثُ دَلِيلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ آخَرَ؟
لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ ذَلِكَ الْعَصْرِ قَدْ نَصُّوا عَلَى إِبْطَالِ ذَلِكَ الدَّلِيلِ وَذَلِكَ التَّأْوِيلِ أَوْ عَلَى صِحَّتِهِ أَوْ سَكَتُوا عَنِ الْأَمْرَيْنِ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ لَمْ يَجُزْ إِحْدَاثُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْطِئَةِ الْأُمَّةِ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ جَازَ إِحْدَاثُهُ إِذْ لَا تَخْطِئَةَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثَ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ الْأَقَلُّونَ.
وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ إِلَّا إِذَا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْحُ فِيمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعَصْرِ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَدْحُ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا كَمَا لَوْ لَمْ يَسْبِقْهُ تَأْوِيلٌ أَوْ دَلِيلٌ آخَرُ، وَلِهَذَا فَإِنَّ النَّاسَ فِي كُلِّ عَصْرٍ لَمْ يَزَالُوا يَسْتَخْرِجُونَ الْأَدِلَّةَ وَالتَّأْوِيلَاتِ الْمُغَايِرَةَ لِأَدِلَّةِ مَنْ تَقَدَّمَ وَتَأْوِيلَاتِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.
فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مَعَارَضٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْمَعْقُولِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: (سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ)، وَالدَّلِيلُ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي لَيْسَ هُوَ سَبِيلَ الْمُؤْمِنِينَ.
وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ ; لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْمَعْرُوفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ الْمُسْتَغْرِقَةِ لِلْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ الدَّلِيلُ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مَعْرُوفًا لَأُمِرُوا بِهِ وَحَيْثُ لَمْ يُأْمَرُوا بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فَكَانَ مُنْكَرًا.
وَأَمَّا السُّنَّةُ، فَقَوْلُهُ ﵇: " «أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الْخَطَأِ» "، وَقَدْ ذَهَبُوا عَنِ الدَّلِيلِ وَالتَّأْوِيلِ الثَّانِي، فَلَا يَكُونُ ذَهَابُهُمْ عَنْهُ خَطَأً، وَلَوْ كَانَ دَلِيلًا صَحِيحًا أَوْ تَأْوِيلًا صَحِيحًا لَكَانَ الذَّهَابُ عَنْهُ خَطَأً وَهُوَ مُحَالٌ.
1 / 273