La perfección en los principios de los juicios
الإحكام في أصول الأحكام
Editorial
المكتب الإسلامي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
(دمشق - بيروت)
Géneros
Usul al-Fiqh
يُخَالِفُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْإِجْمَاعِ، وَهَاهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَائِلَ بِالنَّفْيِ فِي الْبَعْضِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْبَعْضِ قَدْ وَافَقَ فِي كُلِّ صُورَةٍ مَذْهَبَ ذِي مَذْهَبٍ، فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ لَا فِي صُورَةِ اعْتِبَارِ النِّيَّةِ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِاعْتِبَارِهَا فِي الْكُلِّ، وَلَا فِي صُورَةِ النَّفْيِ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِمَنْ قَالَ بِنَفْيِ الِاعْتِبَارِ فِي الْكُلِّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَبِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، فَمَنْ قَالَ بِجَوَازِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَبِنَفْيِ صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يَكُنْ خَارِقًا لِلْإِجْمَاعِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ، وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي مَسْأَلَةِ فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعُيُوبِ الْخَمْسَةِ (١) .
فَإِنْ قِيلَ: فَمَنْ قَالَ بِالْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا لَمْ يَقُلْ بِالتَّفْصِيلِ، وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ بِالنَّفْيِ مُطْلَقًا، فَالْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ قَوْلٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ قَائِلٌ.
قُلْنَا: وَعَدَمُ الْقَائِلِ بِهِ مِمَّا لَا يَمْنَعُ مِنَ الْقَوْلِ بِهِ وَإِلَّا لَمَا جَازَ أَنْ يَحْكُمَ فِي وَاقِعَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ بِحُكْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ سَبَقَ فِيهَا لِأَحَدٍ قَوْلٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكُلٌّ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا قَائِلٌ بِنَفْيِ التَّفْصِيلِ؛ فَالْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ يَكُونُ خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ.
قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ، فَإِنَّ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَفْيِ التَّفْصِيلِ إِمَّا أَنْ يُعْرَفَ مِنْ صَرِيحِ مَقَالِهِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ بِالنَّفْيِ أَوِ الْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا، الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ حَتَّى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لَوْ صَرَّحَ بِنَفْيِ التَّفْصِيلِ لَمَا سَاغَ الْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ، وَالثَّانِي غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ لِلْقَوْلِ بِنَفْيِ التَّفْصِيلِ وَإِلَّا لَامْتَنَعَ الْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ وَبَيْعِ الْغَائِبِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ.
فَإِنْ قِيلَ: الْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ فِيهِ تَخْطِئَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ فِي بَعْضِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَتَخْطِئَةُ الْفَرِيقَيْنِ تَخْطِئَةٌ لِلْأُمَّةِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ.
(١) وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْحُكْمُ فِي الْعُمَرِيَّتَيْنِ كَمَا سَيَجِيءُ، وَضَابِطُ ذَلِكَ تَعَدُّدُ مَحَلِّ الْحُكْمِ، وَاخْتِلَافُ طَائِفَتَيْنِ فِي الْحُكْمِ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا، فَلِمَنْ جَاءَ بَعْدُ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ أَنْ يُحْدِثَ قَوْلًا ثَالِثًا بِالتَّفْصِيلِ، فَيُوَافِقُ طَائِفَةً فِي حُكْمِ الْحِلِّ وَيُوَافِقُ الْأُخْرَى فِي حُكْمِ الْمَحَلِّ الْآخَرِ.
1 / 270