262

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٢ هـ

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ الاختلاف في جواز انعقاد الإجماع عن الاجتهاد والقياس]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ
الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ إِلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ انْعِقَادِهِ عَنِ الِاجْتِهَادِ وَالْقِيَاسِ، فَجَوَّزَهُ الْأَكْثَرُونَ لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْوُقُوعِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
وَالْقَائِلُونَ بِثُبُوتِهِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الْإِجْمَاعَ مَعَ ذَلِكَ يَكُونُ حُجَّةً تَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ ; لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ يَفْتَحُ بَابَ الِاجْتِهَادِ وَلَا يُحَرِّمُهُ.
وَذَهَبَتِ الشِّيعَةُ، وَدَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ، وَابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ ذَلِكَ بِالْقِيَاسِ الْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ.
وَالْمُخْتَارُ جَوَازُهُ وَوُقُوعُهُ، وَأَنَّهُ حُجَّةٌ تَمْتَنِعُ مُخَالَفَتُهُ.
أَمَّا دَلِيلُ الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ، فَهُوَ أَنَّا قَدْ وَحَّدْنَا الْخَلْقَ الْكَثِيرَ الزَّائِدَ عَلَى عَدَدِ التَّوَاتُرِ مُجْمِعِينَ عَلَى أَحْكَامٍ بَاطِلَةٍ لَا تَسْتَنِدُ إِلَى دَلِيلٍ قَطْعِيٍّ وَلَا دَلِيلٍ ظَنِّيٍّ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ تَصَوُّرِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ (١)، فَجَوَازُ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَنِ الدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ الظَّاهِرِ أَوْلَى، كَيْفَ وَأَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا وُقُوعَ ذَلِكَ لَمَا لَزِمَ عَنْهُ لِذَاتِهِ مُحَالٌ عَقَلًا (٢)، وَلَا مَعْنَى لِلْجَائِزِ سِوَى هَذَا.
وَأَمَّا دَلِيلُ الْوُقُوعِ فَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعَتْ عَلَى إِمَامَةِ أَبِي بَكْرٍ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَالرَّأْيِ حَتَّى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ: رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ لِدِينِنَا أَفَلَا نَرْضَاهُ لِدُنْيَانَا؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " إِنْ تُوَلُّوهَا أَبَا بَكْرٍ تَجِدُوهُ قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللَّهِ ضَعِيفًا فِي بَدَنِهِ "، وَأَيْضًا فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: " وَاللَّهِ لَا فَرَّقْتُ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ، قَالَ اللَّهُ: (أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُو الزَّكَاةَ) . "
وَأَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمِ شَحْمِ الْخِنْزِيرِ قِيَاسًا عَلَى تَحْرِيمِ لَحْمِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِرَاقَةِ الشَّيْرَجِ وَالدِّبْسِ السَّيَّالِ إِذَا وَقَعَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ وَمَاتَتْ قِيَاسًا عَلَى فَأْرَةِ السَّمْنِ، وَعَلَى تَأْمِيرِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ فِي مَوْضِعٍ كَانُوا فِيهِ بِاجْتِهَادِهِمْ.

(١) تَقَدَّمَ مَا فِيهِ تَعْلِيقًا ص ١٩٧، ٢٢٤.
(٢) لَلْنُفَاةِ أَنْ يَقُولُوا: إِنْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْجَوَازِ عَقْلًا، فَلَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ عَادَةً.

1 / 264