259

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٢ هـ

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
[الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ لابد للإجماع من مستند]
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ
اتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ الْأُمَّةَ لَا تَجْتَمِعُ عَنْ (١) الْحُكْمِ إِلَّا عَنْ مَأْخَذٍ وَمُسْتَنَدٍ يُوجِبُ اجْتِمَاعَهَا خِلَافًا لِطَائِفَةٍ شَاذَّةٍ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِجَوَازِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَنْ تَوْفِيقٍ لَا تَوْقِيفٍ بِأَنْ يُوَفِّقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِاخْتِيَارِ الصَّوَابِ مِنْ غَيْرِ مُسْتَنِدٍ.
وَقَدِ احْتَجَّ النَّافُونَ لِذَلِكَ بِمَسَالِكَ:
الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ قَالُوا مَعَ فَقْدِ الدَّلِيلِ وَالْمُسْتَنَدِ لَا يَجِبُ الْوُصُولُ إِلَى الْحَقِّ، أَيْ: لَا يَلْزَمُ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: مَتَى لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ، إِذَا لَمْ تُجْمِعِ الْأُمَّةُ عَلَى الْحُكْمِ أَوْ إِذَا أَجْمَعَتْ، الْأَوَّلُ مُسَلَّمٌ، وَالثَّانِي دَعْوَى مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَإِنَّهُ مَا الْمَانِعُ أَنَّهُمْ إِذَا اتَّفَقَ إِجْمَاعُهُمْ أَنْ يُوَفِّقَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى لِلصَّوَابِ ضَرُورَةَ اسْتِحَالَةِ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى الْخَطَأِ لِمَا سَبَقَ فِي الْمَسَالِكِ السَّمْعِيَّةِ، وَالْكَلَامُ إِنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ لَا فِي وُقُوعِهِ.
الْمَسْلَكُ الثَّانِي: أَنَّ الصَّحَابَةَ لَيْسُوا بِآكَدِ حَالٍ مِنَ النَّبِيِّ ﵇، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَقُولُ وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا عَنْ وَحْيٍ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ، فَالْأُمَّةُ أَوْلَى أَنْ لَا تَقُولَ إِلَّا عَنْ دَلِيلٍ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إِذَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى امْتِنَاعِ الْخَطَأِ عَلَى الرَّسُولِ فِيمَا يَقُولُ وَكَذَلِكَ الْأُمَّةُ، فَلَوْ قَالَ الرَّسُولُ قَوْلًا وَحَكَمَ بِحُكْمٍ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لَمَا كَانَ إِلَّا حَقًّا ضَرُورَةَ اسْتِحَالَةِ الْخَطَأِ عَلَيْهِ (٢)، غَيْرَ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْهُ الْحُكْمُ وَالْقَوْلُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (٣)
وَأَمَّا الْأُمَّةُ فَقَدْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْخَطَأِ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَحْكُمُونَ إِلَّا عَنْ دَلِيلٍ (٤) فَافْتَرَقَا.

(١) فِيهِ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ: عَلَى.
(٢) قَدْ يُخْطِئُ فِي اجْتِهَادِهِ، لَكِنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَئِهِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
(٣) سَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَوْلُ بِالِاجْتِهَادِ، وَأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ دَلَّ عَلَى وُقُوعِهِ مِنْهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ عَنْ هَوًى.
(٤) بَلْ دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا فِي مَعْنَاهُ مِنَ النُّصُوصِ، فَلَمْ يَفْتَرِقَا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ.

1 / 261