229

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٢ هـ

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
بِالصَّحَابَةِ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﵇، إِذَا هُمْ كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ وَكُلُّ الْأُمَّةِ، فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ، لَا يَكُونُ مَوْصُوفًا بِالْإِيمَانِ وَبِكَوْنِهِ مِنَ الْأُمَّةِ.
وَأَمَّا التَّابِعُونَ وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ إِذَا أَجْمَعُوا عَلَى حُكْمٍ، فَلَيْسَ هُمْ كُلَّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا كُلَّ الْأُمَّةِ، فَلَا يَكُونُ الْخِطَابُ مُتَنَاوِلًا لَهُمْ وَحْدَهُمْ، بَلْ مَعَ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَهُمْ ضَرُورَةَ اتِّصَافِهِمْ بِذَلِكَ حَالَةَ وُجُودِهِمْ، وَبِمَوْتِهِمْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ كَوْنِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنَ الْأُمَّةِ.
وَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ ذَهَبَ وَاحِدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى حُكْمٍ، وَاتَّفَقَ التَّابِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ لَمْ يَكُنْ إِجْمَاعُهُمْ مُنْعَقِدًا، وَلَوْ خَرَجَ بِمَوْتِهِ عَنِ الْأُمَّةِ وَالْمُؤْمِنِينَ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
وَإِذَا لَمْ يَكُنِ التَّابِعُونَ كُلَّ الْأُمَّةِ وَلَا كُلَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَمَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لَا يَكُونُ هُوَ قَوْلَ كُلِّ الْأُمَّةِ وَلَا كُلِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَسَوَاءٌ وُجِدَ لِمَنْ تَقَدَّمَ قَوْلٌ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، فَمُخَالِفُهُمْ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِكُلِّ الْأُمَّةِ وَلَا لِكُلِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُسْتَحِقًّا لِلذَّمِّ وَالتَّوَعُّدِ.
سَلَّمْنَا دَلَالَةَ الْآيَاتِ وَالْأَخْبَارِ عَلَى انْعِقَادِ إِجْمَاعِ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ حُجَّةً لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ، وَبَيَانُهُ مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ إِجْمَاعَ التَّابِعِينَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ، وَذَلِكَ الدَّلِيلُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا.
فَإِنْ كَانَ إِجْمَاعَ مَنْ تَقَدَّمَ فَالْحُكْمُ ثَابِتٌ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لَا بِإِجْمَاعِ التَّابِعِينَ.
وَإِنْ كَانَ قِيَاسًا، فَيَسْتَدْعِي أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ جَمِيعِ التَّابِعِينَ لِيَكُونَ مَنَاطَ إِجْمَاعِهِمْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
وَإِنْ كَانَ نَصًّا، فَلَا بُدَّ وَأَنْ تَكُونَ الصَّحَابَةُ عَالِمَةً بِهِ ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ التَّابِعِينَ بِهِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا يُمْكِنُ التَّمَسُّكُ بِهِ فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمِ لَمَا تُصُوِّرَ تَوَاطُؤُ الصَّحَابَةِ عَلَى تَرْكِهِ وَإِهْمَالِهِ.
الثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى قَوْلِ أَحَدٍ سِوَى الصَّادِقِ الْمُؤَيَّدِ بِالْمُعْجِزَةِ لِتَطَرُّقِ الْخَطَأِ وَالْكَذِبِ إِلَى مَنْ عَدَاهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا وَرَدَ الثَّنَاءُ مِنَ النَّبِيِّ ﵇

1 / 231