164

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
إِلَى تَأْوِيلٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ﴾، ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾، ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾، ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾، ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾، ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾، وَنَحْوِهِ مِنَ الْكِنَايَاتِ وَالِاسْتِعَارَاتِ الْمُؤَوَّلَةِ بِتَأْوِيلَاتٍ مُنَاسِبَةٍ لِأَفْهَامِ الْعَرَبِ (١) .
وَإِنَّمَا سُمِّيَ مُتَشَابِهًا لِاشْتِبَاهِ مَعْنَاهُ عَلَى السَّامِعِ، وَهَذَا أَيْضًا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى.
الْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْمُحْكَمَ مَا انْتَظَمَ وَتَرَتَّبَ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ إِمَّا مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ، أَوْ مَعَ التَّأْوِيلِ مِنْ غَيْرِ تَنَاقُضٍ وَاخْتِلَافٍ فِيهِ، وَهَذَا أَيْضًا مُتَحَقِّقٌ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَالْمُقَابِلُ لَهُ مَا فَسَدَ نَظْمُهُ وَاخْتَلَّ لَفْظُهُ، وَيُقَالُ: فَاسِدٌ، لَا مُتَشَابِهٌ.
وَهَذَا غَيْرُ مُتَصَوَّرِ الْوُجُودِ فِي كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَرُبَّمَا قِيلَ: الْمُحْكَمُ مَا ثَبَتَ حُكْمُهُ مِنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَنَحْوِهِ.
وَالْمُتَشَابِهُ مَا كَانَ مِنَ الْقِصَصِ وَالْأَمْثَالِ، وَهُوَ بَعِيدٌ عَمَّا يَعْرِفُهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَعَنْ مُنَاسَبَةِ اللَّفْظِ لَهُ لُغَةً.

(١) لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَجْهٌ وَيَمِينٌ حَقِيقَةً عَلَى مَا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ، فَإِسْنَادُهُمَا إِلَيْهِ فِي الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ لَا تَجُوزُ فِيهِ. وَيَطْوِي سُبْحَانَهُ السَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ، وَيَجِيءُ هُوَ نَفْسُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَقِيقَةً عَلَى مَا يَلِيقُ بِكَمَالِهِ، وَجَاءَ إِسْنَادُ الْبَقَاءِ إِلَى الْوَجْهِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَعْهُودِ الْعَرَبِ فِي كَلَامِهِمْ، وَتَعْبِيرِهِمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنْ بَقَاءِ الشَّيْءِ وَصِفَاتِهِ جَمِيعًا، وَاسْتِهْزَاءُ اللَّهِ وَمَكْرُهُ بِمَنِ اسْتَهْزَأَ بِأَوْلِيَائِهِ، وَسَخِرَ مِنْهُمْ وَمَكْرُهُ بِهِمْ حَقٌّ عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بِهِ مَعَ كَمَالِ عِلْمٍ بِمَا دَبَّرَ، وَإِحْكَامٍ لَهُ وَعَدْلٍ فِيهِ وَقُدْرَةٍ عَلَى الِانْتِقَامِ بِدُونِهِ، بِخِلَافِ عِبَادِهِ، فَقَدْ يَكُونُ فِي مَكْرِهِمْ، وَتَدْبِيرِهِمْ قُصُورٌ وَضَعْفٌ فِي التَّنْفِيذِ، وَجَوْرٌ فِي الْخُصُومِ، وَعَجْزٌ عَنِ الِانْتِقَامِ بِدُونِهِ إِلَّا بِعِنَايَةٍ مِنَ اللَّهِ وَتَسْدِيدٍ لِعَبْدِهِ.
فَمَنْ خَطَرَ بِفِكْرِهِ عِنْدَ تِلَاوَةِ نُصُوصِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ اسْتِلْزَامُهَا أَوْ إِيهَامُ ظَاهِرِهَا بِمَا لَا يَلِيقُ بِاللَّهِ مِنْ تَشْبِيهٍ بِخَلْقِهِ فَذَلِكَ مِنْ سَقَمِ فِكْرِهِ، وَوُقُوفِهِ عِنْدَ مَعْهُودِ حِسِّهِ، وَقِيَاسِهِ رَبَّهُ عَلَى خَلْقِهِ، لَا مِنْ كَلَامِ اللَّهِ، وَلَا مِنْ حَدِيثِ رَسُولِهِ فَشَبَّهَ أَوَّلًا. وَظَنَّ السُّوْءَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَنُصُوصِ الشَّرِيعَةِ ثَانِيًا، فَاعْتَقَدَ أَنَّ ظَاهِرَ مَا ثَبَتَ عَنْهُمَا يَدُلُّ عَلَى التَّشْبِيهِ، وَاجْتَهَدَ فِي تَحْرِيفِهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا، وَتَأْوِيلِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا ثَالِثًا، دُونَ بَيِّنَةٍ مِنَ اللَّهِ تَهْدِيهِ الطَّرِيقَ، فَانْتَهَى بِهِ التَّعَسُّفُ إِلَى التَّعْطِيلِ، وَنَفْيِ مَا رَضِيَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ، وَرَضِيَهُ لَهُ رَسُولُهُ ﵊ مِنَ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا

1 / 166