La perfección en los principios de los juicios
الإحكام في أصول الأحكام
Editorial
المكتب الإسلامي
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
(دمشق - بيروت)
Géneros
Usul al-Fiqh
فَإِنْ قِيلَ: الْقَوْلُ بِجَوَازِ تَعَلُّقِ التَّكْلِيفِ بِهِ فِي أَوَّلِ زَمَانِ حُدُوثِهِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِإِيجَادِ الْمَوْجُودِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
قُلْنَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْأَمْرُ بِإِيجَادِ مَا كَانَ مَوْجُودًا، أَوْ بِمَا لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا.
الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ. وَالثَّانِي، فَدَعْوَى إِحَالَتِهِ نَفْسُ مَحَلِّ النِّزَاعِ، ثُمَّ يَلْزَمُهُمْ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الْفِعْلُ فِي أَوَّلِ زَمَانِ حُدُوثِهِ أَثَرًا لِلْقُدْرَةِ الْقَدِيمَةِ، وَلَا لِلْحَادِثَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَذْهَبَيْنِ (١)، وَلَا مَوْجِدَةَ لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيجَادِ الْمَوْجُودِ، وَهُوَ مُحَالٌ.
فَمَا هُوَ جَوَابُهُمْ فِي إِيجَادِ الْقُدْرَةِ لَهُ فَهُوَ جَوَابُنَا فِي تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِهِ.
[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ حكم النيابة في التكاليف]
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ (٢) . اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا وَالْمُعْتَزِلَةُ فِي جَوَازِ دُخُولِ النِّيَابَةِ فِيمَا كُلِّفَ بِهِ مِنَ الْأَفْعَالِ الْبَدَنِيَّةِ فَأَثْبَتَهُ أَصْحَابُنَا وَنَفَاهُ الْمُعْتَزِلَةُ.
حُجَّةُ أَصْحَابِنَا عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ لِغَيْرِهِ " أَوْجَبْتُ عَلَيْكَ خِيَاطَةَ هَذَا الثَّوْبِ، فَإِنْ خِطْتَهُ أَوِ اسْتَنَبْتَ فِي خِيَاطَتِهِ أَثَبْتُكَ، وَإِنْ تَرَكْتَ الْأَمْرَيْنِ عَاقَبْتُكَ " كَانَ مَعْقُولًا غَيْرَ مَرْدُودٍ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَوُرُودُهُ مِنَ الشَّارِعِ لَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا.
وَيَدُلُّ عَلَى وُقُوعِهِ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﵇ أَنَّهُ «رَأَى شَخْصًا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ عَنْ شُبْرُمَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﵇: " أَحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ، فَقَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ: حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ» " (٣) . وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ.
فَإِنْ قِيلَ: وُجُوبُ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إِنَّمَا كَانَ ابْتِلَاءً وَامْتِحَانًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْعَبْدِ، فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ لِلشَّارِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ وَقَهْرِهَا، لِكَوْنِهَا عَدُوَّةً لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا قَالَ ﵇ حِكَايَةً عَنْ رَبِّهِ: " عَادِ نَفْسَكَ، فَإِنَّهَا
(١) مَذْهَبُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ، وَمَذْهَبٌ يَقُولُ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ لِلْعَبْدِ.
(٢) انْظُرْ شَرْحَ الطَّحَاوِيَّةِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَفِي دُعَاءِ الْأَحْيَاءِ، وَصَدَقَاتِهِمْ مَنْفَعَةٌ لِلْأَمْوَاتِ، وَكِتَابَ الرُّوحِ الْمَسْأَلَةَ: ١٦، وَكِتَابَ الْمُوَافَقَاتِ، الْمَسْأَلَةَ السَّابِعَةَ مِنْ مَسَائِلِ النَّوْعِ الرَّابِعِ مِنْ أَنْوَاعِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ
(٣) الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ، وَرَجَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَقْفَهُ، وَقَدْ تَصَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ كَثِيرًا
1 / 149