119

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٢ هـ

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
قُلْنَا: أَمَّا الِاقْتِضَاءُ وَالطَّلَبُ فَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى مَا يَأْتِي، فَتَسْلِيمُهُ تَسْلِيمٌ لِمَحَلِّ النِّزَاعِ. قَوْلُهُمْ: لَا يُسَمَّى تَارِكُهُ عَاصِيًا. قُلْنَا: لِأَنَّ الْعِصْيَانَ اسْمُ ذَمٍّ مُخْتَصٌّ بِمُخَالَفَةِ أَمْرِ الْإِيجَابِ وَلَا بِمُخَالَفَةِ مُطْلَقِ أَمْرٍ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْإِطْلَاقِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الدَّلِيلِ، وَلِمِثْلِ هَذَا يَجِبُ حَمْلُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى أَمْرِ الْإِيجَابِ دُونَ النَّدْبِ. وَيُخَصُّ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَيَّدَهُ بِالْمَشَقَّةِ، وَهِيَ لَا تَكُونُ فِي غَيْرِ أَمْرِ الْإِيجَابِ، وَإِذَا ثَبَتَ كَوْنُهُ مَأْمُورًا فَهُوَ حَسَنٌ بِجَمِيعِ الِاعْتِبَارَاتِ السَّابِقِ ذِكْرُهَا فِي مَسْأَلَةِ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ، وَهَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى الْوَاجِبِ؟ فَالْكَلَامُ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْجَائِزِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا. [الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ الْمَنْدُوبَ هَلْ هُوَ مِنْ أَحْكَامِ التَّكَالِيفِ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمَنْدُوبِ (١) هَلْ هُوَ مِنْ أَحْكَامِ التَّكَالِيفِ؟ فَأَثْبَتَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ (٢) وَنَفَاهُ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الْحَقُّ. (٣) وَحُجَّةُ ذَلِكَ أَنَّ التَّكْلِيفَ إِنَّمَا يَكُونُ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ، وَالْمَنْدُوبُ مُسَاوٍ لِلْمُبَاحِ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ مَعَ زِيَادَةِ الثَّوَابِ عَلَى الْفِعْلِ، وَالْمُبَاحُ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ، عَلَى مَا يَأْتِي، فَالْمَنْدُوبُ أَوْلَى. نَعَم، إِنْ قِيلَ: إِنَّهُ تَكْلِيفِيٌّ بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ اعْتِقَادِ كَوْنِهِ مَنْدُوبًا، فَلَا حَرَجَ. فَإِنْ قِيلَ: الْمَنْدُوبُ لَا يَخْلُو عَنْ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلثَّوَابِ، فَإِنْ فَعَلَهُ رَغْبَةً فِي الثَّوَابِ فَفِعْلُهُ مُشِقٌّ كَفِعْلِ الْوَاجِبِ، وَإِنْ تَرَكَهُ شَقَّ عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ بِفِعْلِهِ، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ أَشَقَّ عَلَيْهِ مِنَ الْفِعْلِ بِخِلَافِ تَرْكِ الْمُبَاحِ. قُلْنَا: يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الشَّارِعِ عَلَى الْفِعْلِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلثَّوَابِ حُكْمًا تَكْلِيفِيًّا ; لِأَنَّهُ إِنْ أَتَى بِالْفِعْلِ رَغْبَةً فِي الثَّوَابِ الَّذِي هُوَ مُسَبِّبُهُ فَهُوَ مُشِقٌّ، وَإِنْ تَرَكَهُ شَقَّ عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ مِنَ الثَّوَابِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.

(١) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي النَّدْبِ، فَإِنَّ الْمَنْدُوبَ لَيْسَ حُكْمًا، هُوَ مُتَعَلِّقُ الْحُكْمِ وَمَحَلُّهُ. (٢) أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ الْإِسْفِرَايِينِيُّ. (٣) الْخِلَافُ فِي أَنَّ النَّدْبَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْإِبَاحَةَ مِنَ الْأَحْكَامِ أَوْ لَا، اخْتِلَافٌ فِي تَسْمِيَةٍ اصْطِلَاحِيَّةٍ لَا فَائِدَةَ مِنْ وَرَائِهِ عَمَلِيَّةً.

1 / 121