112

La perfección en los principios de los juicios

الإحكام في أصول الأحكام

Editorial

المكتب الإسلامي

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٤٠٢ هـ

Ubicación del editor

(دمشق - بيروت)

Géneros

Usul al-Fiqh
الْمَسْأَلَةُ الْأَوْلَى يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُحَرَّمُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ عِنْدَنَا؛ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ وُرُودِ النَّهْيِ بِقَوْلِهِ: لَا تُكَلِّمْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا، وَقَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْكَ كَلَامَ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ، وَلَسْتُ أُحَرِّمُ عَلَيْكَ الْجَمِيعَ وَلَا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ. فَهَذَا الْوُرُودُ (١) كَانَ مَعْقُولًا غَيْرَ مُمْتَنِعٍ. (٢) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُحَرَّمُ مَجْمُوعَ كَلَامَيْهِمَا وَلَا كَلَامَ أَحَدِهِمَا عَلَى التَّعْيِينِ ; لِتَصْرِيحِهِ بِنَقِيضِهِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَرَّمُ أَحَدَهُمَا لَا بِعَيْنِهِ. وَمَنْهَجُ الْخَصْمِ فِي الِاعْتِرَاضِ وَمَنْهَجُنَا فِي الْجَوَابِ، فَكَمَا سَبَقَ فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، وَلَا يَخْفَى وَجْهُهُ، وَلَكِنْ رُبَّمَا تَشَبَّثَ الْخُصُومُ هَاهُنَا بِقَوْلِهِمْ: إِنَّ حَرْفَ (أَوْ) إِذَا وَرَدَ فِي النَّهْيِ، اقْتَضَى الْجَمْعَ دُونَ التَّخْيِيرِ. وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا﴾ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ إِنَّمَا هُوَ النَّهْيُ عَنِ الطَّاعَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا النَّهْيُ عَنْ أَحَدِهِمَا. وَجَوَابُهُ أَنْ يُقَالَ: مُقْتَضَى الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ التَّخْيِيرُ وَتَحْرِيمُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ (٣)، وَالْجَمْعُ فِي التَّحْرِيمِ هَاهُنَا إِنَّمَا كَانَ مُسْتَفَادًا مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ جَمْعًا بَيْنَ الْآيَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الدَّلِيلِ. (٤)

(١) فِيهِ تَحْرِيفٌ، وَالصَّوَابُ: لَوْ وَرَدَ. (٢) هَذَا مُجَرَّدُ فَرْضٍ وَتَقْدِيرٍ، وَإِذَا نَظَّرْتَهُ مَعَ مَسْأَلَةِ اشْتِبَاهِ أَجْنَبِيَّةٍ بِمُحَرَّمٍ وَنَحْوِهَا، تَبَيَّنَ لَكَ أَنَّهُ غَيْرُ سَلِيمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِامْتِثَالُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إِلَّا بِتَرْكِ الْجَمِيعِ. (٣) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تُطِعْ كُلَّ مَنْ كَانَ مُرْتَكِبًا لِلْإِثْمِ أَوِ الْكُفْرِ فِي إِثْمِهِ أَوْ كُفْرِهِ، فَإِنَّ تَعْلِيقَ النَّهْيِ بِكُلٍّ مِنَ الْوَصْفَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةُ التَّحْرِيمِ، مُوجِبَةُ الْحَذَرِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ فَلَيْسَتْ (أَوْ) لِلتَّخْيِيرِ، بَلْ لِلتَّنْوِيعِ، أَيْ: لِبَيَانِ نَوْعَيْنِ مِنَ الْإِجْرَامِ، كُلٌّ مِنْهُمَا يُوجِبُ الْحَذَرَ مِمَّنِ ارْتَكَبَهُ، وَتَحْرِيمَ طَاعَتِهِ فِيهِ. (٤) تَقَدَّمَ الْجَوَابَ عَنْهُ.

1 / 114