El Gran Hawi de Mawardi

Al-Mawardí d. 450 AH
98

El Gran Hawi de Mawardi

الحاوي الكبير

Investigador

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1419 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ الْفَمَ وَالْأَنْفَ فِي مَعْنَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ إِيصَالَ الْمَاءِ إِلَيْهِمَا لَا يَشُقُّ فَهَذَا يُفْسَدُ بِالْحُلْقُومِ لِأَنَّ إِيصَالَ الْمَاءِ إِلَيْهِ بِالشُّرْبِ لَا يَشُقُّ. وَالثَّانِي: أَنَّ حُصُولَ الطَّعَامِ فِيهِ لَا يُفْطِرُ وَهَذَا يُفْسَدُ بِدَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ حُكْمُ الْجَنَابَةِ لِمَنْعِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَعَلَّقَ حُكْمُ الْحَدَثِ بِعُضْوٍ ثُمَّ يَرْتَفِعُ بِغَسْلِ غَيْرِهِ كَالْمُحْدِثِ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ حَمْلِ الْمُصْحَفِ بِشَيْءٍ مِنْ جَسَدِهِ وَإِذَا غَسَلَ أَعْضَاءَهُ الْأَرْبَعَةَ لَمْ يُمْنَعْ فَهَذَا جَوَابُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ أبو حنيفة. وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ مَنْ أَوْجَبَهُمَا فِي الطَّهَارَتَيْنِ بِفِعْلِ النَّبِيِّ ﷺ َ - لهما فالجواب عنه أنه ليس له فعل النبي ﷺ َ - مَحْمُولًا عَلَى الْإِيجَابِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيَانًا المجمل فِي الْكِتَابِ وَالطَّهَارَةُ مَعْقُولَةٌ غَيْرُ مُجْمَلَةٍ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِنْشَاقَ وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْثُرَ، فَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَهُ وَإِنْ كَانَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَمَعْدُولٌ عَنْهُ بِمَا ذَكَرْنَا إِلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ فَهُوَ أَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمُبَالَغَةِ وَتِلْكَ غير واجبة فلم يكن منه دليل. فصل وأما الفصل الثاني: في صِفَةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَكَيْفِيَّتِهِمَا: أَمَّا الْمَضْمَضَةُ فَهِيَ إِدْخَالُ الْمَاءِ إِلَى مُقَدَّمِ الْفَمِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهَا إِدَارَتُهُ فِي جَمِيعِ الْفَمِ، وَالِاسْتِنْشَاقُ فَهُوَ إِدْخَالُ الْمَاءِ مُقَدَّمَ الْأَنْفِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ إِيصَالُهُ إِلَى خَيْشُومِ الْأَنْفِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا سُنَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَيْهِمَا إلا أن يكون صائما فيبالغ في المضمضمة وَلَا يُبَالِغُ فِي الِاسْتِنْشَاقِ لِقَوْلِهِ ﷺ َ - لِلَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ: " أَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صَائِمًا ". وَالْفَرْقُ فِي الصَّائِمِ بَيْنَ أَنْ يُبَالِغَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَلَا يُبَالِغَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ بِإِطْبَاقِ حَلْقِهِ رَدُّ الْمَاءِ عَنْ وُصُولِهِ إِلَى جَوْفِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ رَدُّ الْمَاءِ بِخَيْشُومِهِ عن الوصول إلى رأسه. فإذا ما تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا مِنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فَالسُّنَّةُ فِيهِمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَفِي كَيْفِيَّتِهِمَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ وَالرَّبِيعُ أَنَّهُ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا بِغَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَغْرِفُ الْمَاءَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى فَيَأْخُذُ مِنْهُ بِفَمِهِ فَيَتَمَضْمَضُ ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بِأَنْفِهِ فَيَسْتَنْشِقُ ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَانِيَةً ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَالِثَةً كُلُّ ذَلِكَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يُقَدِّمُ الْمَضْمَضَةَ ثَلَاثًا عَلَى الِاسْتِنْشَاقِ وَدَلِيلُ ذَلِكَ رِوَايَةُ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثلاثا.

1 / 106