El Gran Hawi de Mawardi

Al-Mawardí d. 450 AH
84

El Gran Hawi de Mawardi

الحاوي الكبير

Investigador

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1419 AH

Ubicación del editor

بيروت

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ مَحَلُّ النِّيَّةِ: فَهُوَ الْقَلْبُ، لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْإِنَاءِ، لِاخْتِصَاصِهَا بِإِنَاءِ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ وَهُوَ الْقَلْبُ. فَالنِّيَّةُ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَذِكْرٌ بِاللِّسَانِ. وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: النِّيَّةُ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَذِكْرٌ بِاللِّسَانِ لِيُظْهِرَ بِلِسَانِهِ مَا اعْتَقَدَهُ بِقَلْبِهِ فَيَكُونُ عَلَى كَمَالٍ مِنْ نِيَّتِهِ وَثِقَةٍ مِنَ اعْتِقَادِهِ، وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَمَّا اخْتَصَّ بِاللِّسَانِ لَمْ يَلْزَمِ اعْتِقَادُهُ بِالْقَلْبِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ إِذَا اخْتَصَّتْ بِالْقَلْبِ لَا يَلْزَمْ ذِكْرُهَا بِاللِّسَانِ. فَعَلَى هَذَا لَوْ ذَكَرَ النِّيَّةَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَعْتَقِدْهَا بِقَلْبِهِ لَمْ يُجِزْهُ عَلَى المذهبين معا. فلو اعتقدها بِقَلْبِهِ وَذَكَرَهَا بِلِسَانِهِ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَكْمَلُ أَحْوَالِهِ.، وَلَوِ اعْتَقَدَ النِّيَّةَ بِقَلْبِهِ ولم يذكرها بلسانه أجزاء عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَلَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى مَذْهَبِ الزُّبَيْرِيِّ. فَصْلٌ وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي: وَهُوَ زَمَانُ النِّيَّةِ فَهُوَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ كَانَتْ غُسْلًا فَعِنْدَ أَوَّلِ إِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى جَسَدِهِ، فَإِنْ نَوَى بَعْدَ أَنْ غَسَلَ بَعْضَ جَسَدِهِ أَجْزَأَتْهُ النِّيَّةُ لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ غَسْلَ مَا غَسَلَهُ قَبْلَ نِيَّتِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهُ فِي الْغُسْلِ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الِابْتِدَاءُ بِمَحَلٍّ مِنْ جَسَدِهِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ مِنْهُ فِي جَوَازِ الِابْتِدَاءِ بِغَسْلِهِ جَائِزٌ فَجَازَ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غُسْلِهِ وَلَا يَعْتَدُّ بِمَا غَسَلَهُ مِنْ قَبْلُ وَإِنْ كَانَ وُضُوءًا فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غَسْلِ وَجْهٍ، لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الِابْتِدَاءُ بِوَجْهِهِ. وَمِنْ حِكَمِ الْعِبَادَةِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ مَنُوطَةً بِأَوَّلِهَا مَا خَلَا الصَّوْمَ الْمَخْصُوصَ بِالشَّرْعِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَهُ فِي النِّيَّةِ أربعة حوال: أَحَدُهَا: حَالُ اسْتِحْبَابٍ. وَالثَّانِيَةُ: حَالُ جَوَازٍ. وَالثَّالِثَةُ: حال فساد. والرابعة: حال اختلاف. فأما الحالة الْأُولَى: فِي الِاسْتِحْبَابِ، فَهُوَ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ عِنْدَ غَسْلِ كَفَّيْهِ وَيَسْتَدِيمَهَا ذِكْرًا إِلَى غَسْلِ وَجْهِهِ، ثُمَّ عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَجْهِ أَنْ يَسْتَدِيمَهَا حكما وليس عليه أن يستديمها ذكرا، ومعنى استدامتها ذِكْرًا: أَنْ يَكُونَ مُسْتَصْحِبًا لِذِكْرِهَا وَاعْتِقَادِهَا، فَإِنْ أَخَلَّ بِهَا نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا لَمْ يُجِزْهُ، وَهَذَا لَازِمٌ لَهُ فِي الْوُضُوءِ إِلَى غَسْلِ الْوَجْهُ وَاسْتِدَامَتُهَا حُكْمًا أَنْ يَكُونَ مُسْتَصْحِبًا

1 / 92