72

El Gran Hawi de Mawardi

الحاوي الكبير

Investigador

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1419 AH

Ubicación del editor

بيروت

وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَاسْتِعْمَالُهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ وَفِي كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: غَيْرُ مَكْرُوهٍ كَالثَّوْبِ الْمُطَرَّزِ بِالْحَرِيرِ. وَالثَّانِي: مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ الطِّرَازِ، لِأَنَّ الْحَرِيرَ أَخَفُّ لِإِبَاحَتِهِ لِجِنْسٍ مِنَ النَّاسِ فَكَانَ حُكْمُهُ أَخَفَّ مِنَ الفضة التي لم يستبح أوانيها لجنس. مسألة: قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: " وَلَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ مُشْرِكٍ وَبِفَضْلِ وُضُوئِهِ مَا لَمْ يعلم نجاسته فقد توضأ عمر ﵁ مِنْ مَاءٍ فِي جَرَّةٍ نَصْرَانِيَّةٍ ". وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ في أبدانهم، وثيابهم، وأوانيهم، وهو قول جمهور الْفُقَهَاءِ. وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ أَنَّهُمْ أَنْجَاسٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا لَقَوْهُ بِأَجْسَادِهِمُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨] فَنَصَّ على نجاستهم. ودليلنا قوله تَعَالَى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ طَعَامَهُمْ مَصْنُوعٌ بِأَيْدِيهِمْ وَمِيَاهِهِمْ وَفِي أَوَانِيهِمْ فَدَلَّ عَلَى طَهَارَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - شَرِبَ مَاءً مِنْ مَزَادَةِ وَثَنِيَّةٍ. وَرُوِيَ أَنَّ عمر ﵁ توضأ من جر نَصْرَانِيَّةٍ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - قَدْ كَانَ يَأْذَنُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي دُخُولِ مَسْجِدِهِ وَرَبَطَ ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ حِينَ أَسَرَهُ عَلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَكَانَ أَوْلَى الْأُمُورِ بِهِ تَطْهِيرُ مَسْجِدِهِ مِنْهُ، وَلِأَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَنْجِيسِ الْأَعْيَانِ، وَلَوْ كَانَ بِسُوءِ مُعْتَقَدِهِ يُنَجِّسُ مَا كَانَ طَاهِرًا لَكَانَ حُسْنُ مُعْتَقَدِنَا يُطَهِّرُ مَا كَانَ نَجِسًا. فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ [التوبة: ٢٨] . فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ أَنْجَاسُ الْأَبْدَانِ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَهَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَذَلِكَ، وَأَوْجَبَ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ صَافَحَهُمْ.

1 / 80