56

El Gran Hawi de Mawardi

الحاوي الكبير

Investigador

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Editorial

دار الكتب العلمية

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1419 AH

Ubicación del editor

بيروت

قَالَتْ: مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ َ -: " لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَقَالُوا إِنَّهَا مَيْتَةٌ. فَقَالَ: يطهر الْمَاءُ وَالْقَرَظُ " فَأَحَالَ تَطْهِيرَهُ عَلَى الْمَاءِ وَالْقَرَظِ، وَلِأَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ أَغْلَظُ تَنْجِيسًا وَالْمَاءَ أَقْوَى تَطْهِيرًا فَكَانَ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِ أَخَصَّ فَعَلَى هَذَا في كَيْفِيَّةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي إِنَاءِ الدِّبَاغَةِ لِيَلِينَ الْجِلْدُ بِالْمَاءِ فَيَصِلُ عَمَلُ الشَّثِّ وَالْقَرَظِ إِلَى جِمِيعِ أَجْزَاءِ الْجِلْدِ فيكون أبلغ في تنشيفها وتطهيرها فيصير دباغة الجلد وتطهيره بها جميعا معا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ لِيَخْتَصَّ الشَّثُّ وَالْقَرَظُ بِدِبَاغَتِهِ وَيَخْتَصَّ الْمَاءُ بِتَطْهِيرِهِ، فَيَصِيرُ بَعْدَ الدِّبَاغَةِ وَقَبْلَ الْغَسْلِ كَالثَّوْبِ النَّجِسِ يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ. فَصْلٌ: وَأَمَّا الدِّبَاغَةُ بِمَا كَانَ نجسا من الشث والقرظ فيه وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ، وَهَذَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجْعَلُ طَهَارَةَ الْجِلْدِ مُخْتَصَّةً بِالشَّثِّ وَالْقَرَظِ دُونَ الْمَاءِ، لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَرْتَفِعُ بِالنَّجَاسَةِ إذ ما لَا يَرْفَعُ نَجَاسَةَ نَفْسِهِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَرْفَعَ نَجَاسَةَ غَيْرِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الدِّبَاغَةَ بِهَا جَائِزَةٌ، وَهَذَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجْعَلُ طَهَارَةَ الْجَلْدِ مُخْتَصَّةً بِالْمَاءِ، لِأَنَّ تَأْثِيرَ الشَّثِّ وَالْقَرَظِ فِي الْجِلْدِ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا كَتَأْثِيرِهِ وَهُوَ طَاهِرٌ فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِالْمُلَاقَاةِ نَجِسًا فَعَلَى هَذَا إِذَا انْدَبَغَ بِهِ لَمْ يَطْهُرْ إِلَّا بَعْدَ غَسْلِهِ. فَصْلٌ وَالدِّبَاغَةُ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى فِعْلِ فَاعِلٍ، لِأَنَّ مَا طَرِيقُهُ إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ لا يفتقر إلى فعل كَالسَّيْلِ إِذَا مَرَّ بِنَجَاسَةٍ فَأَزَالَهَا طَهُرَ مَحَلُّهَا، وَلِذَلِكَ لَمْ تَفْتَقِرْ إِزَالَتُهَا إِلَى نِيَّةٍ بِخِلَافِ الْحَدَثِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَطَارَتِ الرِّيحُ جِلْدَ ميتة وألقته في المدبغة فاندبغ صار طاهر فأما إن أخذ رجل جلد ميتة بغيره فَدَبَغَهُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَكُونُ مِلْكًا لِرَبِّهِ أَوْ لِدَابِغِهِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

1 / 64