El Gran Hawi de Mawardi
الحاوي الكبير
Investigador
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Editorial
دار الكتب العلمية
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1419 AH
Ubicación del editor
بيروت
دُونَهُ خَارِجٌ عَنِ الْعُرْفِ، فَامْتَنَعَ مَا خَرَجَ عَنِ الْعُرْفِ أَنْ يَكُونَ حَدًّا، وَكَانَ مَا وَافَقَ الْعُرْفَ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ حَدًّا.
(فَصْلٌ: القول في المسح على العمائم)
وإذا مسح بعض رأسه فيحتار أَنْ يُكْمِلَ ذَاكَ بِمَسْحِ الْعِمَامَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لِرِوَايَةِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شعبة أن النبي ﷺ َ - تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ.
فَأَمَّا إِنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ وَحْدَهَا دُونَ الرَّأْسِ لم يجزيه فِي قَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل وسفيان الثوري يجزيه اسْتِدْلَالًا بِرِوَايَةِ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ - سَرِيَّةً فَأَصَابَهُمُ الْبَرْدُ فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ َ - أمرهم أن يمسحوا على العصائب والنساخين، يعني بالعصائب العمائم، والنساخين يَعْنِي بِهِ الْخِفَافَ، قَالَ: وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ يَسْقُطُ فِي التَّيَمُّمِ فَجَازَ الِاقْتِصَارُ بِالْمَسْحِ عَلَى حَائِلٍ دُونَهُ كَالرِّجْلَيْنِ.
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾، فَأَوْجَبَ الظَّاهِرُ تَعَلُّقَ الْفَرْضِ بِالرَّأْسِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - حِينَ مَسَحَ بِرَأْسِهِ قَالَ: " هَذَا وضوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ " وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ لَا يَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ فِي إِيصَالِ الْمَاءِ إِلَيْهِ فَلَمْ يَجُزِ الِاقْتِصَارُ عَلَى حَائِلٍ دُونَهُ كَالْوَجْهِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْخَبَرِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يمسحوا على العمائم والنساخين، فَقَدْ كَانَتْ عَمَائِمُ الْعَرَبِ إِذْ ذَاكَ صِغَارًا وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ عَصَائِبَ لِصِغَرِهَا وَلَمْ تَكُنْ تَعُمُّ جَمِيعَ الرَّأْسِ وَلَا تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْمَسْحِ إِلَيْهِ، إِمَّا مُبَاشَرَةً أَوْ بَلَلًا وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ على الخفين، فالمعنى فيه لحوق المشقة بنزعهما وَأَنَّ فَرْضَ الرِّجْلَيْنِ اسْتِيعَابُ غَسْلِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الرَّأْسِ لِأَنَّ الْفَرْضَ مَسْحُ بَعْضِهِ وَلَا يَشُقُّ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَعَ سَتْرِ رَأْسِهِ.
(فَصْلٌ)
: فإذا ثبت أن الفرض مباشرة الرأسة بِهِ فَسَوَاءٌ كَانَ مَحْلُوقَ الشَّعْرِ فَمَسَحَ بَشَرَةَ الرَّأْسِ أَوْ كَانَ نَابِتَ الشَّعْرِ فَمَسَحَ عَلَى الشَّعْرِ دُونَ الْبَشَرَةِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ اسْمَ الرَّأْسِ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمَا فَلَوْ كَانَ بَعْضُ رَأْسِهِ مَحْلُوقًا وَبَعْضُهُ شَعْرًا نَابِتًا كَانَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ مَسَحَ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمَحْلُوقِ مِنْهُ أَوْ مَسَحَ عَلَى الشَّعْرِ النَّابِتِ فَلَوْ مَسَحَ عَلَى شَعْرِ رَأْسِهِ ثُمَّ حَلَقَهُ أَجْزَأَهُ الْمَسْحُ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْحِ قَدْ كَانَ وَاقِعًا فِي مَحَلِّهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ كَشَطَ جِلْدَةً مِنْهُ أَجْزَأَهُ غَسْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُعِيدَ غَسْلَ مَا ظَهَرَ مِنَ الْبَشَرَةِ تَحْتَ الْجِلْدِ الْمَكْشُوطِ.
فَأَمَّا إِذَا كَانَ ذَا جُمَّةٍ عَلَى رأسه فَلَهُ فِي مَسْحِهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
1 / 119