Al-Hadith wal-Muhaddithun
الحديث والمحدثون
Número de edición
الأولى ١٣٧٨ هـ
Año de publicación
١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية
Géneros
"ردوها فاقسموها على فقرائكم". قالوا: يا رسول الله ما قدمنا عليك، إلا بما فضل عن فقرائنا. قال أبو بكر: يا رسول الله ما قدم علينا وفد من العرب مثل هذا الوفد، فقال ﵇: "إن الهدى بيد الله ﷿، فمن أراد به خيرا شرح صدره للإيمان"، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن.
فازداد رسول الله ﷺ فيهم رغبة. وأرادوا الرجوع إلى أهليهم، فقيل لهم: ما يعجبكم قالوا: نرجع إلى من وراءنا، فنخبرهم برؤية رسول الله ﷺ، وتلاقينا إياه وما رد علنيا، ثم جاءوا إلى رسول الله صلى الله علهي وسلم، فودعوه فأرسل إليهم بلالا، فأجازهم بأرفع ما كان يجيز به الوفود. ثم قال لهم رسول الله ﷺ: "هل بقي منكم أحد"، قالوا: غلام خلفناه على رحالنا، وهو أحدثنا سنا. قال: فأرسلوه فلما حضر قال: يا رسول الله أنا من الرهط الذين أتوك آنفا، فقضيت حوائجهم فاقض حاجتي، قال: "وما حاجتك"، قال: تسأل الله ﷿ أن يغفر لي ويرحمني، ويجعل غناي في قلبي، فقال رسول الله ﷺ: "اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه"، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه. ثم إنهم بعد ذلك وافوا رسول الله ﷺ بمنى في الموسم إلا ذلك الغلام، فسألهم ﷺ عنه، قالوا: يا رسول الله ما رأينا مثله قط، ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله. لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها.
فقال النبي ﷺ: "الحمد لله إني لأرجو أن يموت جميعا".
فقال رجل منهم: أو ليس يموت الرجل جميعا يا رسول الله، فقال النبي ﷺ: "تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا، فلعل الأجل يدركه في بعض تلك الأودية، فلا يبالي الله ﷿ في أيها هلك".
من هذا ترى أن الوفود، كانت تقدم على رسول الله صلى الله عليه
1 / 61