165

The Disease and the Cure

الداء والدواء

Editorial

دار المعرفة

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1418 AH

Ubicación del editor

المغرب

Géneros

Sufismo
عَنْهُ الْأَسْمَاعُ، وَتَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ أَشَدَّ نَفْرَةٍ، وَهُوَ إِتْيَانُ الرَّجُلِ رَجُلًا مِثْلَهُ يَنْكِحُهُ كَمَا يَنْكِحُ الْأُنْثَى، فَقَالَ: ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ﴾ [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ٨١] .
ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْ ذَلِكَ، وَأَنَّ الْحَامِلَ لَهُمْ عَلَيْهِ لَيْسَ إِلَّا مُجَرَّدَ الشَّهْوَةِ لَا الْحَاجَةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا مَالَ الذَّكَرُ إِلَى الْأُنْثَى، وَمِنْ قَضَاءِ الْوَطَرِ وَلَذَّةِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَحُصُولِ الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ الَّتِي تَنْسَى الْمَرْأَةُ لَهَا أَبَوَيْهَا، وَتَذْكُرُ بَعْلَهَا، وَحُصُولِ النَّسْلِ الَّذِي هُوَ حِفْظُ هَذَا النَّوْعِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ الْمَخْلُوقَاتِ، وَتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ وَقَضَاءِ وَطَرِهَا، وَحُصُولِ عَلَاقَةِ الْمُصَاهَرَةِ الَّتِي هِيَ أُخْتُ النَّسَبِ، وَقِيَامِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ، وَخُرُوجِ أَحَبِّ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ مِنْ جِمَاعِهِنَّ كَالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ، وَمُكَاثَرَةِ النَّبِيِّ ﷺ الْأَنْبِيَاءَ بِأُمَّتِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِ النِّكَاحِ، وَالْمَفْسَدَةُ الَّتِي فِي اللِّوَاطِ تُقَاوِمُ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَتُرْبِي عَلَيْهِ بِمَا لَا يُمْكِنُ حَصْرُ فَسَادِهِ، وَلَا يَعْلَمُ تَفْصِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ.
ثُمَّ أَكَّدَ قُبْحَ ذَلِكَ بِأَنَّ اللُّوطِيَّةَ عَكَسُوا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا الرِّجَالَ، وَقَلَبُوا الطَّبِيعَةَ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ فِي الذُّكُورِ، وَهِيَ شَهْوَةُ النِّسَاءِ دُونَ الذُّكُورِ، فَقَلَبُوا الْأَمْرَ، وَعَكَسُوا الْفِطْرَةَ وَالطَّبِيعَةَ فَأَتَوُا الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ، وَلِهَذَا قَلَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ دِيَارَهُمْ، فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا، وَكَذَلِكَ قُلِبُوا هُمْ، وَنُكِّسُوا فِي الْعَذَابِ عَلَى رُؤُوسِهِمْ.
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ قُبْحَ ذَلِكَ بِأَنْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْإِسْرَافِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ، فَقَالَ: ﴿بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ٨١] .
فَتَأَمَّلْ هَلْ جَاءَ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي الزِّنَى؟
وَأَكَّدَ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ﴾ [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: ٧٤] .
ثُمَّ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمُ الذَّمَّ بِوَصْفَيْنِ فِي غَايَةِ الْقُبْحِ فَقَالَ: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ﴾ [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: ٧٤] .
وَسَمَّاهُمْ مُفْسِدِينَ فِي قَوْلِ نَبِيِّهِمْ: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ﴾ [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: ٣٠] .

1 / 171