"قال الفَرّاء (^١): وهي في حرفِ عبد اللَّه بن مسعود: ﴿وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمُونَ﴾. قال أبو جعفر (^٢): فعلى هذا يكون "هُمُ" في موضع رفع بالابتداء، و﴿الظّالِمُونَ﴾: خبرُ الابتداء، والابتداءُ وخبرُه خبرُ "كانَ"، كما تقول: كان زيدٌ أبوه خارجٌ، ومثله: ﴿كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ (^٣)، و﴿الرَّقِيبَ﴾ بالرَّفع أيضًا، وكذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾ (^٤) بالنَّصب والرَّفع".
وكان الجِبْلي أحيانًا يُنكر القراءةَ الشاذّةَ ويضعِّفها، أو يذكرُها ليستدلَّ بها على أنّ قراءة العامّة أجوَدُ في العربية، ومن أمثلةِ ذلك ما يلي:
١ - في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾ (^٥)، قال الجِبْليّ (^٦): "وقرأ السُّلَميُّ: ﴿يُبْلِسُ﴾ بفتح اللام، وقراءةُ العامّة أجوَد".
٢ - في قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾ (^٧)، قال الجِبْلي (^٨): "و﴿ذَلِكَ﴾: ابتداء، و﴿عَالِمُ﴾: خبره، و﴿الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾: نعتُه، ومن قرأ بالخَفْض (^٩) فهو شاذ، نعت لقوله: ﴿مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، تقديره: من ربِّ العالَمين العزيزِ الرَّحيم، وهذا بعيدٌ لِما بينَهما من الفصول والآيات والكلمات الكثيرة".