فقال (^١): "كلُّ قراءةٍ وافَقَت العربيّة ولو بوَجْيهٍ، ووافَقَت المصاحفَ العثمانيّةَ ولو احتمالًا، وصحُّ سَنَدُها، فهي القراءةُ الصُّحيحة التي لا يجوزُ رَدُّها، ولا يَحِل إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نَزَل بها القرآن، ووَجَب على الناس قَبولُها، سواءٌ كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشَرة أم عن غيرِهم من الأئمة المقبولين، ومتى اخْتَلَّ رُكْنٌ من هذه الأركان الثلاثةِ أُطْلِقَ عليها ضعيفةٌ أو شاذّةٌ أو باطلةٌ، سواءٌ كانت عن السبعة أم عَمَّن هو أكبرُ منهم".
ثم حَكَى ابنُ الجَزَري عن أبِي عَمْرٍو الدانِي، أنه قال (^٢): "وأئمةُ القُرّاءِ لا تَعمَل في شيءٍ من حروف القرآن على الأَفْشَى في اللغة، والأَقْيَسِ في العربيةِ، بل على الأثبتِ في الأثَر، والأصحِّ في النَّقل، والرِّوايةُ إذا ثَبتَت عنهم لم يَرُدَّها قِياسُ عَرَبِيّةٍ ولا فُشُوُّ لغةٍ؛ لأنّ القراءةَ سُنّةٌ متَّبَعةٌ يلزم قَبولُها والمصير إليها".
ولذلك كان كثيرٌ من النُّحْويِّين لا ينكرون قراءةً من القراءات التي وردت عن القُرّاءِ السبعة ولا يضعِّفونَها ولا يرُدُّونَها، فسيبويهِ يقول مثلًا (^٣): "وقد قرأ بعضهم: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ (^٤) إلّا أنّ القراءةَ لا تُخالَفُ، لأنّ القراءةَ السُّنّةُ".